سيبويه إنّما عدل إليه نظرا إلى أنّ الضّمير لا يضاف سيّما مع كونه أعرف المعارف.
وربّما يقال : إنّه اسم مشتقّ من أوى يأوى ، وأصله عند هذا القابل إويا على وزن فعلى فقلبت الواو ياء وأدغمت في الياء لاجتماعهما وسبقة أوّلهما بالسّكون.
وربّما يقال : إنّه اسم ظاهر لازم للإضافة مثل سبحان ، وعن ابن درستويه أنّه متوسّط بين الظّاهر والمضمر كاسم الإشارة.
وعن المبرّد أنّه اسم مبهم أضيف إلى ما بعده كاضافة كلّ وبعض ، وعن سيبويه والأخفش وأكثر المتأخّرين أنّ الضّمير هو إيّاه واللّواحق لمجرّد الدّلالة على الغيبة والخطاب والتكلّم والإفراد والجمع وغير ذلك.
وعن بعضهم أنّ كلّ واحدة من الصّيغ الّتي هي إيّاه وايّاهما إيّاهما الى إيّاى ايّانا صيغة مستقلّة ، والضّمير هو مجموع الكلمة ، ولا داعي إلى جعله بعضها بعد الاستفادة من الكلّ ، سيّما مع عدم مرجّح للبعض على الكلّ وعلى بعض آخر.
وربما يقال : إنّ إيّا اسم بمعنى النفس الّتي تضاف إلى الأشخاص والأعيان فمعنى إيّاك نعبد نفسك نعبد كما قال تعالى : (تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ) (١) إلى غير ذلك من الأقوال الضّعيفة الّتي لم نتعرّض لأدلّتها لضعفها جدا ولعل الأقوى وإن خالف المشهور بينهم في الجملة إذ لا بأس به انّ الضّماير هي الهاء والياء وما اشتقّ منها للمثنى والجمع هو بعينها الضّماير المتّصلة المنصوبة في قولك أكرمته وأكرمهما ، إلخ.
وأكرمتك واكرمتكما وأكرمتني وأكرمتنا وبالجملة هذه الضّماير المتّصلة المنصوبة هي بعينها الضّمائر المنفصلة المنصوبة غاية الأمر انّها لما كانت ممّا لا يبتدأ بها توصّلوا إلى الابتداء بها بلفظ أيّا ولذا سمّاه الكوفيّون عمادا لما يأتى
__________________
(١) المائدة : ١١٦.