ويدفع عنه قيل : فيقول : لو لا أن منّ الله علىّ بفلان لهلكت قال : نعم لا بأس بهذا (١).
وبالجملة مراعاة الصّدق في المقام يقتضي حفظ حدود العبوديّة والقيام بوظائفها ، وأمّا إذا لم يكن بأمر الله فربّما يكون مثل هذا الخطاب نفاقا بل شركا في الطّاعة لو لم يكن في العبادة بل قد ورد : من أصغى إلى ناطق فقد عبده (٢).
ولذا ينبغي قبل الدّخول في الصّلوة تطهير القلب بالتّصميم على إخلاص الطّاعة والعبادة له دون غيره ، لئلا يخاطب بخطاب المنافق والمستهزء كما أنّه ينبغي الحضور التّام عند تلاوة هذه الآية بحصر النّفس على كمال الإقبال والتّوجّه إلى جناب ربّ الأرباب كيلا يخاطب غيره ممّا يخطر بباله بهذا الخطاب. ولذا قيل بالفارسيّة :
إيّاك نعبد بر زبان |
|
دل در خيال اين وآن |
كفر است اگر لإخوانى يكى |
|
شرك است اگر گوئى دو تا |
ولأنّ في تقديم المعبود تنبيها للعابد كيلا يتكاسل في شرائط العبادة ، ويقبل على آدابها بحسن الرّعاية تحصيلا للسّعادة ، مع ما في ملاحظة من تخفيف التكليف بل الاستغراق التّام في حضرة القدس ، وحريم حرم الأنس ، بحيث لا ذكر معه لغيره حتّى لنفسه ، إلّا من جهة ارتباطه وانتسابه من حيث العبوديّة والافتقار إليه سبحانه ، ولذا فضّل ما حكى الله عن حبيبه صلىاللهعليهوآلهوسلم حين قال (لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا) (٣) على ما حكاه عن كليمه حيث قال : (إِنَّ مَعِي رَبِّي) (٤) مع ما في الآية الأولى من الانتساب إلى الاسم الأعظم المقدّم الجامع ، والإتيان بضمير الجمع المشعر برياسته
__________________
(١) تفسير نور الثقلين ج ٢ / ٤٧٦ عن تفسير العياشي بتفاوت يسير.
(٢) بحار الأنوار : ج ٢٦ / ٢٣٩ ح ١ عن العيون ص ١٦٨.
(٣) سورة التوبة : ٤٠.
(٤) سورة الشعراء : ٦٢.