فامتثال الأمر بقوله : أستعيذ ظاهر ، إذ معناه اطلب من الله أن يعيذني ، وامّا الامتثال بقوله : أعوذ بالله فغير ظاهر ، الّا أن يجعل هذه الجملة مرادا بها الطلب والدعاء ، وامّا الإخبار بالالتجاء فلا يتحقق الامتثال به وبالجملة فالقائل بكل من اللفظين أراد طلب الإعاذة منه سبحانه ، لكن دلالة اللفظ الثاني عليه ظاهرة لقضية السين والتاء ، وأما الأول فمبني على إرادة الإنشاء لا الإخبار.
وحيث قد عرفت سهولة الخطب في لفظها فلا ينبغي تطويل الكلام فيه ، بل المهم في المقام فهم معناها ومؤديها ليتمكن المستعيذ من التحقق بحقيقتها ، والوصول إلى كبرياء القدس وحريم حرم الأنس ، وذلك ببيان المراد من المستعيذ والمستعاذ منه والمستعاذ به ، وكيفية الاستعاذة.
فهنا مباحث :
الأول : في المستعيذ وهو وإن كان القارئ نفسه ، لكن لا بنفسه بل بحول الله وقوته وتوفيقه وعصمته ، فإنه عبد ذليل لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ، ولا يستطيع خيرا ولا شرا ولذا قال مولانا سيد الشهداء روحي له الفداء وعليه آلاف التحية والثناء :
«أم كيف أترجم لك بمقالي وهو منك برز إليك» (١).
وفي دعاء أبي حمزة (٢) عن السجاد عليهالسلام :
__________________
أهل الماحوز (من قرى البحرين) كان من فقهاء عصره ، والمحدثين البارعين ومن الخطباء الشعراء ، ولد سنة (١٠٧٥) وتوفي سنة (١١٢١) ه ، له تصانيف منها «الفرائد النجفية» وفيه الاعتراض. ـ أعيان الشيعة : ج ٣٥ / ٣٧٧.
(١) بحار الأنوار : ج ٩٨ / ٢٢٥ ، ح ٣.
(٢) هو ثابت بن دينار المعروف بابي حمزة الثمالي الكوفي ، نقل عن الإمام الرّضا عليهالسلام أنه كان يقول : «أبو حمزة لقمان زمانه».
توفي سنة (١٥٠) ه. ـ الأعلام : ج ٢ / ٨١.