وعند ذلك تميزت الماهيّات واختلفت الاستعدادات.
ومنها الهداية التشريعيّة الأوليّة في عالم الأرواح والأظلّة والأعيان قبل خلق الأبدان والأكوان في أفق الأزمان ، والمتحمّل لأعباء هذه الهداية والرسالة هو رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة الطاهرون عليهمالسلام في عالم الانبساط والتجرّد والوحدة ، واليه الاشارة بقوله : كنت نبيّا وآدم بين الماء والطين (١).
وفي أخبار كثيرة : أنّ أنوارهم سبّحت فسبّحت بتعليمهم وإرشادهم جميع الأشياء حتى الأنبياء والمرسلين والملائكة المقرّبين (٢).
وفي رياض الجنان في خبر طويل عن الباقر عليهالسلام الى أن قال : فنحن أوّل خلق الله وأوّل خلق عبد الله وسبّحه ، ونحن سبب الخلق وسبب تسبيحهم وعبادتهم من الملائكة والآدميّين ... الخبر (٣).
وفي العلل في خبر طويل عن الصادق عليهالسلام يذكر فيه : أنّ مولينا أمير المؤمنين عليهالسلام قسيم الجنّة والنار ... إلى أن قال : يا مفضّل أما علمت أنّ الله تبارك وتعالى بعث رسول الله وهو روح الى الأنبياء عليهمالسلام وهم أرواح قبل خلق الخلق بألفى عام ، قلت : بلى ، قال : أما علمت أنّه دعاهم الى توحيد الله وطاعته ، واتّباع أمره ، ووعدهم الجنّة على ذلك ، وأوعد من خالف ما أجابوا إليه ... الخبر (٤).
وإنّما عبّرنا عنه بالتشريعى الأوّلي ، بالنظر إلى الثانوى في هذا العالم الناسوتي ، وإلّا فهي ثانوية في عالم الرقائق والذرّات فهدى الله الذين آمنوا (بولاية
__________________
(١) سنن الترمذي ج ٥ ص ٥٨٥ ـ بحار الأنوار ج ١٦ ص ٤٠٢.
(٢) كنز الفوائد ص ٤٦١ وعنه البحار ج ٢٤ ص ٨٨ ح ٣.
(٣) بحار الأنوار ج ٢٥ ص ٢٠ ح ٣١.
(٤) بحار الأنوار ج ١٥ ص ١٤ ح ١٧ عن علل الشرائع ص ٦٥.