الأفئدة الّتي هي من رؤوس المشيّة ، ثمّ في عالم العقول ، ثمّ النفوس ، ثم الطبائع ، ثمّ الرقائق ، ثمّ المثال ، ثمّ في العالم الجسماني الظلماني الهيولاني ، فظهرت تلك الدلائل في الأنفس ، وفي جميع الآفاق من العلويّة والسفليّة والمجرّدة ، والماديّة ، والبسيطة والمركبة من جميع جهاتها وأحوالها وأطوارها وشئونها ومباديها ونهاياتها ، وعللها ، وأسبابها ، ولوازمها ، فبهم ملأت سماءك وأرضك حتى ظهر أن لا إله إلّا أنت.
وفي الدعاء : أسألك بأسمائك الّتي ملأت أركان كلّ شيء (١) فإنّ هذه الأسماء أسماء فعليّة ، قامت بها الأشياء قيام صدور وظهور وتحقّق ، والفعل أول شيء دلالة على الفاعل ، بل أدلّ عليه من غيره (هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) (٢).
وقال الامام عليهالسلام : بصنع الله يستدلّ عليه (٣).
بل لكل حقيقة من الحقائق آيات بيّنات في الكتاب التدوينى ، وبيانات واضحات مطابقات في الكتاب التكويني أنّ على كلّ حقّ حقيقة ، وعلى كلّ صواب نورا ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالفه فذروه.
وتلك الآيات ظاهرة لأهلها ، واضحة الدلالات للمتأمل فيها ، ولا يتدكّر بها إلّا أرباب الألباب والعقول الذين هديهم الله لمتابعة عترة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ) (٤).
وفي سورة البقرة : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ
__________________
(١) دعاء كميل.
(٢) لقمان : ١١.
(٣) تحف العقول ص ٤٣ ـ روضة الواعظين ج ١ ص ٢٠.
(٤) آل عمران : ١٩٠.