وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ ...) الى قوله تعالى : (لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (١) وقال تعالى : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى ، قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى) (٢).
وذلك للإعراض والإغفال ولذا قال تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ) (٣).
وبالجملة من تأمّل في جزئيّات الحوادث الكائنة في الآفاق وفي الأنفس يعلم أنّ كل حقيقة من الحقائق لها ظهورات وتجليّات وبيانات وتحقّقات في كلّ عالم من العوالم المترتبة النازلة ، سواء كانت تلك الحقيقة من علوم التوحيد والمبدأ والمعاد ، أو مقامات النفس ومنازل السائرين.
وقد جعل الله تعالى عقل الإنسان كمرآة مجلوّة منصوبة شطر الحقّ بحيث ينطبع فيه لو خلّي وطبعه إذا لم يكن مشوبا بشوب الاكدار ، والتعلّق بالأغيار جميع الحقائق على ما هي عليها في مراتبها.
وبعد ذلك كلّه فقد بعث الله تعالى رسلا مبشرين ومنذرين لئلّا يكون للنّاس على الله حجّة بعد الرسل ، والرسل شاملة للأنبياء والأوصياء وخلفائهم ونوابهم الخاصّة والعامّة.
وبالجملة يندرج فيها القرى المباركة والقرى الظاهرة الّتي يسير الناس فيها ليالي وأيّاما آمنين الى تلك القرى المباركة ، فإنّ الجميع رسل من قبله ، ينطقون عنه ، ويبلّغون معارفه وأحكامه ، ويبثّون في الناس حلاله وحرامه ، حتى أنّه ورد أنّ
__________________
(١) البقرة : ١٦٤.
(٢) طه : ١٢٤ ـ ١٢٦.
(٣) يوسف : ١٠٥.