هُدىً) (١).
في الكافي عن مولينا الصادق عليهالسلام قال : للايمان حالات ودرجات وطبقات ومنازل ، فمنه التامّ المنتهى تمامه ، ومنه الناقص البيّن نقصانه ، ومنه الراجح الزائد رجحانه ... الخبر (٢).
ومنها : الهداية في طريق الوصول الى مقامات القدس وحظاير الانس بالانخلاع عن العلايق الجسمانيّة والعوائق الناسوتيّة الهيولانيّة ثمّ الاستغراق في ملاحظة أسرار الكمال ، ومطالعة أنوار الجمال ، باضمحلال الإنيّة ، واستيلاء حكم الوجود على مقتضيات الماهيّة ، فيصير السالك حينئذ في طريق المحبّة والوداد ، فتقرّ عينه بنيل المقصود والمراد ، فاذا أحبّه كان سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يسمع به ويده الّتي يبطش بها ، إن دعاه أجابه ، وان ناداه لبّاه (٣).
وكيف لا يجيبه ولم يبق له إرادة ولا اختيار ، ومن دون أن يصل الى حدّ الاضطرار ، بل صار قلبه وعاء لمشيّته ومحلا لإرادته ومخزنا لمحبّته.
وهذه الهداية هي الجذبة الربانيّة ، والعناية الإلهيّة ، ذلك هدى الله يهدى به من يشاء ، وممّن شاء لهم ذلك الأنبياء ، ولذا وصفهم بعد ذكرهم بقوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) (٤).
__________________
(١) الكهف : ١٣.
(٢) الكافي ج ٢ ص ٤٢ وعنه بحار الأنوار : ج ٦٩ / ٢٣ ح ٦.
(٣) نقل بالمعنى من حديث قدسيّ رواه الشيخ الحرّ العاملي في الجواهر السنيّة ص ١٠١ نصّه : ما يتقرّب إلىّ عبد من عبادي بشيء أحبّ إلي ممّا افترضته عليه ، وإنّه يتقرّب إلي بالنوافل حتى أحبّه ، فاذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ولسان الذي ينطق به ... إلخ.
(٤) الأنعام : ٤٠.