بالهداية ومقتضياتها ولوازمها وآثارها الّتي من جملتها سريانها في القلب والقالب وعلى جميع الأعضاء والجوارح والثبات عليها في جميع الأحوال والأهوال والاستمرار عليها في جميع الخطرات الّتي تخطر بالبال ، وفي جميع الأفعال واستزادتها مع كلّ ذلك من كلّ أحد في كلّ حال ، إذ لا نهاية لها باعتبار الفيوض الإلهيّة اللايزاليّة فإنّها من الأنوار اللامعة الّتي تلوح آثارها على هياكل التوحيد.
فيكون المسئول جميع أنواع الهداية لجميع الناس ، وجميع مراتب الإسلام والإيمان والإحسان الذي فسّره جبرئيل عليهالسلام بأن تعبد الله كأنّك تراه ، فان لم تكن تراه فإنّه يراك (١).
ولذا فسّرت الهداية في المقام بالإرائة الّتي لا يراد بها مجرّد الاعلام ، بل الرؤية القلبيّة الفؤاديّة ، كما قال سبحانه : (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى) (٢).
وقال مولينا أمير المؤمنين عليهالسلام حين سأله ذعلب : هل رأيت ربّك؟ أفأعبد مالا أرى؟ وقال عليهالسلام : لم تره العيون بمشاهدة العيان ، ولكن تراه القلوب بحقايق الإيمان (٣).
ولعلّه المراد بما رواه الكاشفى (٤) في جواهره عن مولينا الإمام جعفر الصادق عليهالسلام في تفسيره : أنّ اهدنا بمعنى أرنا ، ثم قال عليهالسلام : إنّ كلّ فرقة يطلبون الهداية على حسب أحوالهم ، فهداية التائبين بالإنابة ، والعارفين بالمعرفة ، والمخلصين بدقائق حقايق الإخلاص ، والمحبّين باستعلام أعلام المحبّة ، والمريدين بطلب طريق السلوك والانقطاع ، والأولياء بالانخلاع عن رؤية الوسائط
__________________
(١) في تفسير نور الثقلين ج ١ ص ٥٥٣ رواه عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(٢) النجم : ١١.
(٣) بحار الأنوار : ج ٤ / ٣٠٤ وج ١٠ ص ١١٨.
(٤)؟؟؟؟