والأحوال بل كلّ فعل من الأفعال إذا نسب إليهم أو غيرهم على وجه الاستقلال بان يكون الفعل منهم بحولهم وقوّتهم من دون إفاضة وتأثير من الله تعالى أصلا ، أو مع ابتدائيّة إنشائيّة لا مستمرّة متجدّدة سيّالة أو من الله وعبده على سبيل اشتراك كلّ منهما للآخر على وجه الثابت له ، فهذه الوجوه الثلاثة كلّها كفر صريح مخالفة للعقل الصحيح ، ونحن برآء من الذين يدينون الله بها ويعتقدونها في حقّ أحد من المخلوق.
وعليه يحمل الاخبار الدالّة على شرك القائل بالتفويض كالمرويّ في الإحتجاج عن ابى الحسن الرضا عليهالسلام من زعم أنّ الله يفعل أفعالنا ثمّ يعذّبنا عليها فقد قال بالجبر ، ومن زعم أنّ الله فوّض أمر الخلايق والرزق إلى حججه عليهمالسلام فقد قال بالتفويض ، والقائل بالجبر كافر ، والقائل بالتفويض مشرك (١).
بل الحقّ أنّ القول باستغناء الباقي في بقائه عن المؤثّر وأنّ الموجد للشيء مبق له بنفس الإيجاد من دون إفاضة متجدّدة مستمرّة راجع إلى الوجوه المتقدمة الموجبة للشرك وانثلام التوحيد ، وإن ذهب إليه بعض علماء الإسلام ، بل ربما مال إليه بعض مشايخنا العظام ، غفلة عن حقيقة الحال ، ونحن لا نقول بثبوت شيء من تلك الشؤون على شيء من هذه الوجوه ، بل المراد أنّهم عبيد مربوبون محتاجون مفتقرون ، بحيث قد فاق فقرهم على فقر العالمين لأنّ الخلق كلّهم عيال لهم ولذا قال مولينا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : الفقر فخرى وبه أفتخر على الأنبياء قبلي (٢).
لكن الله تعالى قد اصطفاهم وفضّلهم على جميع الخلق أجمعين واختارهم على علم على العالمين ، فجعلهم أبوابه وسبله وحملة فيضه ، وترجمان وحيه.
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٢٥ / ٣٢٨ ـ ٣٢٩ عن عيون أخبار الرضا عليهالسلام ص ٧٠.
(٢) عوالي اللآلى ج ١ / ٣٩ ح ٣٨.