ولملك الموت أعوان من ملئكة الرحمة والنقمة يصدرون عن أمره ، وفعلهم فعله ، وكلّ ما يأتونه منسوب اليه ، وإذا كان فعلهم فعل ملك الموت ، وفعل ملك الموت فعل الله لأنّه يتوفّى الأنفس على يد من يشاء ويعطى ويمنع ويثيب ، ويعاقب على يد من يشاء وإنّ فعل امنائه فعله كما قال تعالى : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) (١). (٢) إلى أن قال عليهالسلام.
وامّا ما أراك من الخطاب بالانفراد مرّة وبالجمع اخرى ، من صفة الباري جلّ ذكره فان الله على ما وصف به نفسه بالانفراد والوحدانية هو النور الأزلي القديم الذي ليس كمثله شيء لا يتغير ، ويحكم ما يشاء ويختار ولا معقب لحكمه ، ولا رادّ لقضائه ، ولا ما خلق زاد في ملكه وعزّه ولا نقص منه عالم يخلقه ، وانّما أراد بالخلق إظهار قدرته وإبداء سلطانه ، وتبين براهين حكمته ، فخلق ما شاء كما شاء ، وأجرى فعل بعض الأشياء على أيدي من اصطفى من امنائه ، وكان فعلهم فعله ، وأمرهم امره كما قال : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) (٣).
وجعل السماء والأرض ووعاء لمن شاء من خلقه ليميّز الخبيث من الطّيب ، مع سابق علمه بالفريقين من أهلها ، وليجعل ذلك مثالا لأوليائه وامنائه ، وعرّف الخليقة فضل منزلة أوليائه ، وفرض عليهم من طاعتهم مثل الذي فرضه منها لنفسه ، وألزمهم الحجّة بأن خاطبهم خطابا يدلّ على انفراده وتوحده وبأنّ له أولياء تجري أفعالهم وأحكامهم مجرى فعله ، فهم العباد المكرمون الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ، وهم الذين ايّدهم بروح منه ، وعرّف الخلق اقتدارهم على علم الغيب ، بقوله : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ
__________________
(١) الإنسان : ٣٠ ـ التكوير : ٢٩.
(٢) بحار الأنوار : ج ٩٣ / ١٠٨ ـ ١٠٩ عن الإحتجاج.
(٣) النساء : ٨٠.