مجرّد الدعوى والكذب ، أو إلى تمثل المتخيل وتوهمه موجودا في الخارج ، لاستيلاء الوهم أو لقوّة النفس وضعفها ، أو إلى بعض النفوس الخيّرة أو الشريرة.
وأنهم لو خالطوا البشر لحصل بينهم بسبب طول المدة وكثرة المخالطة صداقة أو عداوة موجبة لبعض الآثار من المسار والمضار ، وليس فليس.
وأنّ الطريق إلى إثباتها إمّا الدليل العقلي والمعلوم انتفاؤه ، أو الحسي والمشاهدة فكذلك.
وأمّا من يدّعي مشاهدتهم فإمّا من الكذّابين المقترحين أو من الممرورين والمجانين وغيرهم من المرضى والضعفة الذي يتخيّلون أشياء لا حقيقة لها بسبب فساد أمزجتهم.
وأما إثباتها من طريق أخبار الأنبياء فلا يتمّ إذ قد عرفت أن في إثباتها إبطال النبوة (١).
فهذه وجوه ستة مشتركة في الضعف ، إذ الجواب عن الأول أنها أجسام لطيفة مادية أو مثالية هورقلياوية (٢) أو أرواح مجردة ، وأمّا وجوب تلاشيها بأدنى قّوة فلا دليل عليه ، وقياسها على بعض الأجسام المخصوصة قاصر عن إثباته ، وحسبك في ذلك ملاحظة كونها أجساما نارية مختارة متمردة ، كما قال :
(خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) (٣).
وقال : (وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ) (٤).
__________________
(١) مفاتيح الغيب : ج ١ / ٧٦ ، مع اختلاف في الألفاظ.
(٢) هورقليا (بضم الهاء وفتح القاف) مأخوذة من العبري ويقال اصطلاحا على العالم العلوي.
(٣) سورة الأعراف : ١٢ ، وسورة ص : ٧٦.
(٤) سورة الحجر : ٢٧.