ومن البيّن أنّ النار الجامدة تفعل الأفاعيل العجيبة القوية السريعة مع أنها ألطف من الهواء بمراتب بل ألطف من جميع العناصر.
وأما ما يتوهم من استبعاد تعلق الحياة بالنار مع كونها مفرقة للمزاج غير قابلة لتعلقه بها فمما لا ينبغي الإصغاء إليه ، بعد دلالة الآيات والأخبار ، وملاحظة حصول الحياة من الحرارة الغريزية ، بل ربما يقال : إنّ كرة النار مملوة من الروحانيات.
وعن الثاني : أنّ المعجزة تفارق السحر في سبقها بالدعوة والتحدي والطلب ، ولا يجري معه السحر لقضية اللطف ، وفي كونها بلا آلات وأدوات ومرور زمان يمكن فيه تلك الأعمال بخلاف السحر ، فإنه لا يمكن إلا بعد استعمال تلك الأمور ومرور الزمان إلى غير ذلك من الفروق الواضحة عند أهله.
ولذا قال شيخنا البهائي رحمة الله عليه : إنّه لو كان خروج الماء من بين أصابع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مع قبض يده وضمّ أصابعه إلى كفّه كان يحتمل السحر وأما مع بسط الأصابع وتفريجها فلا يحتمل السحر ، وذلك واضح عند من له دربة في صناعة السحر.
ومن الثالث بالمنع من ذلك وأين يقع تكذيب هؤلاء من تصديق الأنبياء والأوصياء والأولياء بعد دلالة كتاب الله حسب ما سمعت.
وعن الرابع : أنّ صدور الكذب عن بعض وتمثل المتخيل عن آخر لعرض أو مرض لا يقدح في صدق نسبة الآثار الصادرة من الروحانيين إليها.
ولعمري أنّ هؤلاء الذي قصرت أبصارهم بالنظر إلى المحسوسات وأنكروا ما سوى المشاهدات ، قد أقدموا على إنكار أكثر العالم ، فإنّ المحسوس المشاهد منه وهو العناصر وما تركب عنها أقل قليل من أجزاء العالم بل الهواء والنار من