جملة العناصر أيضا ليسا بمشاهدين.
ومن الخامس : أن عدم التجانس ، وعدم المزاحمة في الحوائج واختلافها في كثير من الأمور ، واحتجاب كل منهما عن ملاقاة الآخر والانكشاف له كلما شاء ، وغير ذلك من الأمور التي اقتضتها العناية الربانية ، اقتضت سد أبواب الصداقة والعداوة بينهما إلا لبعض العوارض التي لا يقتضي المقام شرحها ، نعم ، من جملتها ما أوجب تسخيرها لسليمان على نبينا وآله وعليهالسلام ، وصرف نفر من الجن إلى نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) ، وإسلام شيطانه على يديه (٢) ، وإيمان هام بن هيم (٣) ، وإيمان كثير
__________________
(١) إشارة إلى الآية (٢٩) من سورة الأحقاف وهي : (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ).
قال الفيض في «الصافي» : سبب نزول هذه الآية أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خرج من مكة إلى سوق عكاظة ومعه زيد بن حارثة يدعو الناس إلى الإسلام فلم يجبه أحد ولم يجد أحد يقبله ، ثم رجع إلى مكة فلما بلغ موضعا يقال له : وادي مجنة تهجد بالقرآن في جوف الليل فمر به نفر من الجن فلما سمعوا قراءته قال بعضهم لبعض : أنصتوا! ـ يعني أسكتوا ـ فلما قضي أي فرغ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من القراءة ولوا إلى قومهم منذرين ... فجاءوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأسلموا وآمنوا وعلمهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم شرايع الإسلام ، فأنزل الله عزوجل على نبيه (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ ...) فحكى الله عزوجل قولهم ، وولى عليهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم منهم وكانوا يعودون إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في كل وقت فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أمير المؤمنين عليهالسلام أن يعلمهم ويفقههم ، فمنهم مؤمنون وكافرون وناصبون ويهود ونصارى ومجوس.
ورواه أيضا في نور الثقلين : ج ٥ / ١٨ ، ح ٣٠ وص ٢٠ ، ص ٣٢.
(٢) روى مسلم عن ابن مسعود أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : ما منكم من أحد إلا وكل له قرينه من الجن ، قالوا : وإياك يا رسول الله؟ قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : وإياي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم ، فلا يأمرني إلا بخير. ـ صحيح مسلم : ج ٤ / ٢١٦٢ ، ح ٦٩.
(٣) هام بن هيم : قصة لقائه الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم مروية في البحار : ج ٦٣ / ٨٣ ، ح ٣٩ ، ورواه ابن حجر في «لسان الميزان» : ج ١ / ٣٥٦ ، عن عمر ، قال : بينا نحن قعود مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على جبل من جبال تهامة إذ أقبل شيخ وفي يده عصا فسلم على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فرد عليهالسلام وقال : أنت من؟ قال : أنا هامة بن الهيم بن لا قيس بن إبليس ، قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : وليس بينك وبين إبليس إلا