الجنوب لكنها بالفتح اسم بمعنى التنعّم كما صرحوا مضافا إلى قوله : (وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ) (١) ، ولذا قيل : بأنّ الموجود في كتب اللغة أنّها بالفتح هي التّنعم ، وبالكسر هي المال ، ونحوه ، ومن كلامهم : كم من ذي نعمة لا نعمة له ، أي كم من ذي مال لا تنعم له.
وقيل : إنّها من النعمة بالضم بمعنى المسرة والبهجة فالنعمة ما توجبها وتقرّبه العين.
وقيل : إن الإنعام الإتمام تقول : أنعمت دقّه إذا بالغت فيه وأتممته ، ولعلّ أصل الباب للمبالغة والزيادة لكن على وجه الرفق والسهولة ، ولذا اقتصر عليها في «مجمع البيان» وإن لم يذكر القيد ، وعلى كلّ حال فالنعمة في الأصل وإن كانت هي الحالة المستلذّة للإنسان لكونه صحيحا مليّا وجيها إلى غير ذلك ممّا تشتهيه الأنفس وتقرّبه الأعين ، إلّا أنّها أطلقت على نفس الشيء المستلذّ به كالمال ، والصّحة ، والجاه إطلاقا لاسم المسبب على السبب ، نعم يختلف النعمة باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمان إلى غير ذلك من المشخّصات الّتي قد يكون الشيء معها نعمة ونقمة من جهتين ، فالمال مثلا في نفسه وبالنسبة إلى بعض الأشخاص أو مطلقا نعمة ، وقد يكون نقمة على غيره ، إذ يسعد به قوم ، ويشقى به آخرون (إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) (٢) و (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ) (٣) ، (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ) (٤).
__________________
(١) الدخان : ٢٧.
(٢) العلق : ٦.
(٣) الشورى : ٢٧.
(٤) إبراهيم : ٢٨.