واجتناب الشرور ، وهو صبغة الله التي لا أحسن منها وفطرة الله التي فطر الناس عليها ، وهو المراد بالنبوي :
«كل مولود يولد على فطرة الإسلام وأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه» (١).
ثم إن الإنسان لما كان مخلوقا من العوالم السبعة التي هي الفؤاد ، والعقل ، والنفس ، والطبيعة ، والمزاج ، والمثال ، والأجسام المادية ، وكان فيه قبضة من كل هذه العوالم فإنه أنموذج ما في العالم الكبير ، وإليه الإشارة بقول أمير المؤمنين عليهالسلام :
أتزعم (٢) أنك جرم صغير |
|
وفيك انطوى العالم الأكبر |
فله من كل هذه العوالم شوب وأثر وحكم ، ومن جملتها عالم النفس التي من جملة قواها الوهم والخيال ، ولما كان الإنسان في هذا العالم بعد كونه مخلوقا في أحسن تقويم ، مردودا إلى أسفل السافلين ، وهو هذا العالم الجسماني الظلماني الهيولاني العنصري ، ومن هذا العالم يأخذ في الصعود والتدرج إلى أعلى عليين وفيه يتأهل لمجاورة أولياء الله المقربين.
فأول ما يفاض عليه في النشأة الرحمة الصغروية والكبروية هي النامية النباتيّة ، ثم يفاض عليه القوّة البهيمية ، فيعرف الأكل والشرب ويلتذّ بهما ويشتاق
__________________
(١) البحار : ج ٣ / ٢٨١ ، ح ٣٢ عن عوالي اللئالي : ج ١ / ٣٥ ، ح ١٨. ورواه السيد المرتضى في «أماليه» في الجزء الرابع مرسلا عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ورواه أبو يعلى في «مسنده» والطبراني في «الكبير» والبيهقي في «السنن» عن الأسود بن سريع واللفظ هكذا :
«كل مولود يولد على الفطرة حتى يعرب عنه لسانه فأبواه يهودانه ... إلخ».
قاله السيوطي في «الجامع الصغير : ج ٢ / ٩٤ ، ورواه البخاري في «الصحيح» : ج ٢ / ١٢٥ ، وابن حنبل في «المسند» : ج ٢ / ٢٣٣ و ٢٧٥ و ٢٨٢ و ٣٩٣ و ٤١٠ و ٤٨١ وج ٣ / ٣٥٣.
(٢) في نسخة من الديوان : أتحسب أنك ... إلخ.