إيمان له وطاعته هناك مجاز حقيقة ، لأن الطاعة الحقيقية هي المضاف إليها سائر الأعمال ، فمن أحبّ عليّا فقد أطاع الله ونجى.
فعلم أنّ حبّه هو الإيمان وبغضه هو الكفر ، وليس يوم القيمة إلا محبّ ومبغض ، فمحبّه لا سيّئة له ولا حساب عليه ، ومن لا حساب فالجنة داره ، ومبغضه لا إيمان له ، ومن لا إيمان له ينظر الله إليه بغير رحمته ، وطاعته عين المعصية إلى أخر ما ذكره في مادّة «عصاني» مجمع البحرين (١) وكأنّه حكاه عن الشيخ البرسي الذي خلط كلامه بكلام الزمخشري فلاحظ (٢).
وحيث إنّك قد سمعت أن المنعم عليهم هم الأنبياء والمرسلون ، والملئكة أجمعون ، والعباد الصالحون حسب ما هو قضيّة عموم الآية بل خصوص الآية الاخرى المتقدّمة ، سيّما مع ملاحظة تفسير الإمام عليهالسلام فالنعمة عليهم جميعا في ولاية مولينا أمير المؤمنين ، حسب ما مرّت الإشارة إليها آنفا من أنّ المراد بولايته هو القيام بحدود العبوديّة ووظائفها ، وملازمة التقوى ، والطاعة الكاملة المطلقة في جميع ما شاء الله وأحبّ من الأمور التشريعية وغيرها ، فكلّ من ارتكب منهم شيئا خلاف ما هو الأولى والأحرى فقد خرج عن حدود ولايته ، كما أنّه خرج عن وظائف عبوديّة الله سبحانه ، ولا تتوهم من هذا شركا أو إلحادا فإنّ الله تعالى جعل ولايتهم ولايته ، وطاعتهم طاعته ، ومعصيتهم معصيته ، ومحبّتهم محبّته ، وإن شئت فقل : جعل ولايته ولايتهم للأول إلى الاتّحاد من غير إلحاد ، وفي البين ما تقرّبه العين فمن أطاعهم فقد أطاع الله ، ومن عصاهم فقد عصى الله ، ومن أحبّهم فقد أحبّ الله ، ومن أبغضهم فقد أبغض الله ، لا لقضية الملازمة فإنّها بعيدة غير ملائمة ، بل لأنها هي ، لا لأنّهم هو ، بل لأنّهم الأعراف الّذين لا يعرف الله إلّا بسبيل محبّتهم ومعرفتهم وولايتهم لأنه جعلهم أبوابه وسبله وحجبه ، ومعادن لكلماته وأركانا لتوحيده وآياته
__________________
(١) مجمع البحرين ج ١ ص ٢٥٩ في ذيل كلمة (عصى) ط بيروت.
(٢) مشارق أنوار اليقين للبرسي ص ٦٦.