الصنف الأول : «من سبقت لهم من الله الحسنى» (١) وتكشف لديهم عن معايبها الدنيا ، فميزوا اليسرى من اليمنى ، وهم المتقون «اللذين إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون» (٢) ، فإن التقوى لباس قد أنزله الله تعالى سترا للسوءة الإمكانية والعورة الهيولانية ، كما قال سبحانه :
(يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ) (٣).
وهؤلاء المتقون باقون على فطرتهم الأصلية ، وصورتهم الإنسانية ، فلا يصدر منهم فعلا قولا وحالا وخيالا وفطرة إلا الخير المحض ، فكل إناء بالّذي فيه ينضح :
(وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ) (٤).
(وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ) (٥).
وفي الإنجيل : إن اللسان يتكلم بزوائد القلب فيستولي البياض والنور على وجه قلبه ويمنحي السواد والظلمة بالكلية ، ويصير قلب الإنسان مستوى الرحمن وهذا قوله :
(الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) (٦).
فإنه في الإنسان الذي هو العالم الصغير مثال للعرش العظيم في العالم الكبير ، ولذا ورد في الحديث القدسي :
__________________
(١) اقتباس من آية (١٠١) في سورة الأنبياء.
(٢) اقتباس من آية (٢٠١) في سورة الأعراف.
(٣) الأعراف : ٢٦.
(٤) سورة الأعراف : ٥٨.
(٥) النور : ٢٦.
(٦) طه : ٥.