«لن تسعني أرضي ولا سمائي ولكن يسعني قلب عبدي المؤمن» (١).
ولا تحوم الشياطين حول هذه القلوب النورانية الإلهية (إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ) (٢) وهذه الشهب شهب نورانية مطفئة للنار ، فإن النار لا تنطفي بالنار بل بالنور ، ولذا تقول جهنّم للمؤمن حين يمر عليها : جز عني سريعا فإن نورك أطفأ ناري (٣).
الصنف الثاني : (نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) (٤) وهم اللذين اختاروا دواعي الشر على دواعي الخير ، ونصروا جنود الشيطان حتى فارقتهم ملائكة الرحمن ، ولم يزالوا كذلك حتى فارقهم نور الإيمان بالكلية ، واستولت الظلمة والقسوة والجفوة والسواد على قلوبهم حتى انمحى النور والبياض بالكلية ، وانسدّت مشاعر عقولهم فهم (فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (٥) (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ) (٦) ولا يسمعون ولا يفقهون ولا يعقلون ، (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) (٧) (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) (٨) ، فتغيرت خلقتهم وتبدلّت طبيعتهم ومسخت حقيقتهم ، فهم بين بهيمية وسبعية وشيطانية ، فهو متجاذب بين خنزير وكلب
__________________
(١) البحار : ج ٥٨ / ٣٩ ، وفيه : في الحديث القدسي :
«لم يسعني سمائي ولا أرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن».
(٢) سورة الحجر : ١٨.
(٣) البحار : ج ٨ / ٢٤٩ وفيه : عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «يقل النار للمؤمنين يوم القيامة : جز يا مؤمن فقد أطفأ نورك لهبي». في ج ٩٢ / ٢٥٨ ، ح ٥٢ عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إذا مر المؤمن على الصراط طفئت لهب النيران ويقول : جز يا مؤمن فإن نورك قد أطفأ لهبي».
(٤) سورة الحشر : ١٩.
(٥) البقرة : ١٥. الأنعام : ١١٠. الأعراف : ١٨٦. يونس : ١١. المؤمنون : ٧٥.
(٦) سورة البقرة : ١٨.
(٧) المطففين : ١٤.
(٨) المطففين : ١٥.