نستعين ، اللهم أنت خالقنا وخالق آبائنا الأولين وأبناءنا الآخرين اللهم لا تليق الربوبيّة الّا بك ، ولا تصلح الالهيّة الّا لك فالعن النصارى الذين صغّروا عظمتك ، والعن المضاهئين لقولهم من بريتك ، اللهم انا عبيدك وأبناء عبيدك لا نملك لأنفسنا ضرّا ولا نفعا ولا موتا ولا حيوة ولا نشورا ، اللهم من زعم انّنا أرباب فنحن إليك منه براء ، ومن زعم أنّ إلينا الخلق وعلينا الرزق فنحن إليك منه براء كبراء عيسى من النصارى ، اللهم إنّا لم ندعهم الى ما يزعمون فلا تؤاخذنا بما يقولون (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) (١). (٢)
إلى غير ذلك ممّا لا نطيل به الكلام لوضوح المرام ، نعم العبرة في معنى الغلوّ ما سمعت سابقا ومنه يظهر وجه الجمع بين قوله في هذا الخبر : «ومن زعم أنّ إلينا الخلق» وبين ما في الزيارة الجامعة : وإياب الخلق إليكم وحسابهم عليكم ، بل الأخبار بمعناها قريبة من التواتر فإنّ المنفيّ على وجه الاستقلال والاستبداد والأصالة ، والمثبت على وجه البابية والوساطة والاستفاضة حسبما مرّ.
نعم يبقى الكلام فيما ربما يصدر عن بعض الغلاة من خوارق العادات كدخول النار ، وعدم التأثر من السيف وغيره حسب ما حكاه شيخنا المجلسي قدسسره إذ لا يخفى انّه لا يدلّ على إصابتهم بوجه من الوجوه ، إذ مع الغضّ عن كونه أخذا بالعيون من قبيل السحر والشعبدة وغيرها يمكن أن يكون منشؤه بعض الرياضات الّتي يرتاضون بها أنفسهم كالمرتاضين من الهنود سيّما الجوكية منهم ، وذلك لانّ الله لا يضيع عمل عامل من الناس ، ومخالفة النفس مع كونها مطلوبة بالذات في جميع الملل لها خاصيّة ذاتيّة في نيل المقصد الذي جعله الإنسان نصب عينيه ، خصوصا
__________________
(١) نوح : ٢٦.
(٢) بحار الأنوار : ج ٢٥ ص ٣٤٣.