إذا كان صاحبه كافرا فإنّه يعجّل له طيّباته في الدنيا الدنيّة العاجلة ، ولذا يقال لهم يوم القيمة : (أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها) (١).
ولعله يقرب منه الرياضة الارتداديّة الّتي ابتلى بها بعض الأشقياء في زماننا بإغواء بعض شياطين الإنس ، وذلك أنّه تدرج في مراتب الارتداد بكيفيّة لا ينبغي نشرها في السطور إلى ان بلغ إحراق المصحف وغيره ممّا هو أعظم منه ، نعوذ بالله عن الغواية بعد الهداية حتّى بلغ حدا لا يؤثّر فيه شيء من المؤذيات كالنّار والحديد وغيرهما ، وحينئذ ندم على ما فرّط منه فكان يصلّي عامة ليله ونهاره ووضع على جنبه منجزا يمتحن بها بدنه كلّ يوم وليلة إذ قال له من أمره بذلك أنّ علامة قبول توبتك أن ترجع إلى حالك السابقة ويؤثّر فيك الحديد وغيره.
وبالجملة فعدم التأثير عن بعض المؤذيات بخصوصه أو عن كلّها ليس من علامات الحقيّة والإصابة ، كما أنّ التأثر فيها ليس من علامات البطلان والخطاء ، ولقد سمّ رسول الله صلىاللهعليهوآله في غزوة خيبر فما زالت الأكلة في فؤاده حتى قطعت أبهره فمات منها ، وأمير المؤمنين عليهالسلام ضربه عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله في موضع ضربة عمرو بن عبد ودّ ودفن بالغرىّ ، وجرى بعدهما على الحسنين بل على سائر الأئمّة ما جرى ، بل في الأنبياء من قتلوه ضربا أو حبسا أو غرقا أو حرقا.
وعلى كلّ حال فالامّة في هذه الأيام بل في بدو الإسلام بعد رحلة سيّد الأنام عليه وآله الصلوة والسلام على فريقتين : الأولى من أوفى بما عاهد عليه الله ورسوله من متابعة وليّ الأمر الّذي بايعوا معه يوم الغدير واختصّ من بين الصحابة بالنّص والعصمة فقدّموا من قدّمه الله ، ووالوا أوليائه ، وهم الائمّة المعصومون صلوات الله عليهم أجمعين ، فإنّ الله تعالى انّما خصّهم بالعصمة ليأمن الناس من
__________________
(١) الأحقاف : ٢٠.