خطائهم وسهوهم وغلطهم فينقادوا إلى أوامرهم لئلّا يكون للناس على الله حجّة بعد ذلك وليهلك من هلك عن بيّنة ، ويحيى من حيّ عن بيّنة ، وحيث إن العصمة فضيلة موهبيّة لا يطلع عليها الناس وجب النّص عليهم من النّبى صلىاللهعليهوآله بل ومن كلّ إمام سابق على إمام بعده.
الثانية منها هم الّذين انقلبوا على أعقابهم فأنكروا النصّ والوصاية ، ولم يوجبوا العصمة والطهارة وقالوا : إنّ الأئمّة : بل الأنبياء غير معصومين وانّه يقع منهم الخطأ والسهو والنسيان بل الفسوق والكذب وانّما وسعوا الباب ليتمكنوا من القول بخلافة مشايخهم الّذين انقضت أكثر أعمارهم في الكفر والشّرك وعبادة الأوثان وشطر منها في النّفاق وعداوة أهل الإيمان كما أنّهم قالوا إنّ الخلفاء كالأنبياء يجتهدون في الأحكام والمسائل كي يستندوا إليه فيما يقع من مخالفة خلفائهم للنّبى صلىاللهعليهوآله كالوضوء المنكوس والمسح على الخفّين وغيرهما ، بل لم يشترطوا في الخلافة العلم والعدالة ، فجوّزوا إمامة الجاهل والفاسق فضلا عن غير المعصوم ، بل كثير منهم لم يثبتوا العدل والحكمة في أفعاله تعالى وجوّزوا عليه الظّلم والقبيح والعبث وما فيه الفساد للعباد ، وأنّه تعالى لا يفعل لغرض من الأغراض بل جميع أفعاله خالية عن الأغراض والحكم والمصالح ، وأثبت كثير منهم قدماء كثيرة سمّوها بالمعاني ، وجوّزوا رؤيته في الدّنيا أو في الآخرة للكلّ ، أو للصلحاء ، تعالى الله عن ذلك ، وعن سائر مقالاتهم الّتي يتبرّأ منها الإسلام وأهله ، هذا مجمل حالهم في الأصول ، وأمّا في الفروع ففتحوا على أنفسهم باب الآراء والظّنون والقياس والاستحسان والمصالح المرسلة وغيرها فأدخلوا في دين الله ما ليس منه ، وحرّفوا أحكام الشّريعة ، وأوجبوا أن يكون النّاس في الفروع تابعا لواحد من المذاهب الأربعة الّتي لم تكن في عصر النّبى صلىاللهعليهوآله ولا في عصر صحابته ، بل قد أحدثوها بعد مدّة طويلة وذهبوا معها إلى أمور شنيعة ، فأباحوا النّبيذ والفقّاع ، بل الوضوء به ،