صرّح بذلك نجم الأئمّة الرضى رضى الله عنه فقال : وليس ممّا قال بعضهم إنّ صه مثلا اسم للفظ اسكت الّذى هو دالّ على معنى الفعل ، فهو علم للفظ الفعل لا لمعناه بشيء لأنّ العربي القح يقول : صه مع أنّه ربما لا يحضر في باله لفظ أسكت ، وربّما لم يسمعه أصلا ولو قلت اسم لا صمت أو امتنع ، أو أكفف عن الكلام أو غير ذلك ممّا يؤدى هذا المعنى لصحّ ، فعلمنا أنّ المقصود المعنى لا اللّفظ.
قلت وفيه : أن الظّاهر من كلام أهل اللّغة بل صريح غيرهم أنّها موضوعة للفظ الفعل ، ولذا سمّيت بأسماء الأفعال ، وان كان ربما يكتفى في الإضافة بأدنى الملابسة لكنّه بمجرّده غير دافع للظّاهر ، بل قد سمعت من غير واحد من الأساطين دعوى الاتّفاق على ذلك ، نعم في «التصريح» أنّ أسماء الأفعال هل هي أسماء لألفاظ الأفعال ، أو لمعانيها من الأحداث والأزمنة ، أو أسماء للمصادر النّائبة عن الأفعال أو هي أفعال أقوال :
قال بالأول جمهور البصريّين ، وبالثّانى صاحب البسيط ، ونسبه إلى ظاهر قول سيبويه والجماعة ، وبالثالث جماعة من البصريّين ، وبالرّابع الكوفيون.
وعلى القول بأنّها أفعال حقيقة أو أسماء لألفاظ الأفعال لا موضع لها من الإعراب عند الأخفش وطائفة ، واختاره ابن مالك ، وعلى القول بأنّها أسماء للمصادر النّائبة عن الأفعال موضعها بأفعالها النّائبة عنها لوقوعها موقع ما هو في موضع نصب ، وهو قول المازني.
والصّحيح أنّ كلّا منها اسم لفعل ، وأنّه لا موضع لها من الاعراب : انتهى.
ومنه بل ومن غيره ممّا مرّ يظهر قوة القول المذكور مع المنع من التبادر الّذى قد استدلّ به نجم الأئمّة ، مع أنّ المعنى الفعلى لا يمكن وضع الاسم له ضرورة المغايرة الظّاهرة المانعة عن ذلك.
واستبعاد الوضع للفظ غير مسموع بعد تصريح أئمّة الفن.