أم لا ، فهو أمر لا يتكفل باثباته هذا البرهان ، ولا انه من رسالته ومقتضاه بل لابد في هذا المورد من الاستفادة من براهين أخرى مثل برهان «الامكان» او برهان «امتناع التسلسل» الذي سيأتي بيانه على وجه التفصيل في الأبحاث القادمة.
وخلاصة القول : ان برهان النظام يكشف عن وجود فاعل ذي عقل وادراك وراء نشأة هذا الكون واما خصوصیات هذا الفاعل فلابد من التماسها من أدلة اخرى.
ونعود لنقول : أن «هیوم» تصور ان برهان النظام قادر على اثبات جميع معتقدات الالهيين حول الله ، في حين ان هذا البرهان لا یفي باكثر من اثبات أن لهذا النظام البديع صانعاً خالقاً ، واما صفاته مثل كونه واجب الوجود او ممكن الوجود ، قديماً ، او حادثاً ، واحداً او متعدداً ، محدوداً او مطلقاً ، ذا علم وقدرة مطلقتين ام لا ، وان كمالاته موجودة في ذاته بالفعل ، أم انها تحصل في ذاته تدريجاً عن طريق التجربة ، عادلا ام لا ، رحيماً ام لا فاثبات او نفي ذلك كله خارج عن رسالة هذا البرهان (أي برهان النظم) ونطاقه ومؤداه ، بل لابد من التماس هذه الامور وامثالها من براهین اخری.
بهذه المقدمة العاجلة تبين الجواب الاجمالي على مجموع الاشكالات الثلاثة (الثالث والرابع والخامس) ، واما الاجوبة شبه التفصيلية فهي :
اما الاشكال الثالث فجوابه هو : أن أكملية النظام الفعلي لا ترتبط ببرهان النظام ، فرسالة هذا البرهان ليست اكثر من اثبات هدفية في هذا الكون. واستحالة صدوره عن طريق الصدفة ، اذ النظام البديع يدل على أن فاعل هذا الكون متصف بالقدرة والعلم سواء كان النظام هو «النظام الاكمل» أولا ، لان برهان النظام لا يتكفل ببيان واثبات وصف فعل هذا الفاعل (وهو الأكملية).