واما الاشكال الرابع الذي يرتبط بالعلم الالهي وهل أنه فعلي ام لا ، فجوابه الاجمالي هو أن العلم الالهي «علم فعلي» ولا سبيل للقوة والامكان الى ذاته ليكون علمه علماً بالقوة ، وحاصلا من القوة الى الفعلية عن طريق التجربة.
وبعبارة اخرى ، ان علمه وادراكه كله حاصل بالفعل وليس شأنه شأن الموجودات الامكانية التي يزداد علمها ، ويتكامل ادراكها شيئاً فشيئاً ، وتنتقل من مرحلة القوة الى مرحلة الفعلية تدريجاً.
هذا وللفلاسفة ـ في هذا المجال ـ قاعدة يعتبر مضمونها افضل جواب على الاشكال الرابع وهي قولهم : «واجب الوجود بالذات واجب من جميع الجهات».
وأما الاشكال الخامس الذي يرتبط بالصفات الالهية الاخری كالعدل ، والرحمة وغيرهما فجوابه : أن برهان النظام لا يهدف اثبات هذه الصفات ، فذلك خارج عن رسالته ، بل لابد من اثبات هذه الصفات بأدلة اخرى سنعرض لها في بحث «الصفات الالهية». هذا إلى جانب أن واجب الوجود واجد لجميع صفات الكمال ، فليس من كمال الا وهو متصف به ، ثابت في ذاته.
وأما الاشكال السادس فهو مما يمكن القبول بارتباطه ببرهان النظام ، لان الحوادث غير المتوازنة كالسيول والطوفانات والزلازل المدمرة لا تتفق ـ حسب النظرة السطحية ـ مع وجود عقل وشعور وراء النظام الكوني ، وقد بحثنا حول هذا الاشكال ، وتبين الجواب بما لم يدع مجالا للشك.
وعلى هذا الأساس لا يرد من اشكالات «هيوم» الستة على برهان النظام سوی اشكالین فقط ، وقد مرت الاجابة عنهما في البحثين السابقين فراجع.