بصحة الفرضيتين ، وقد عرفت ـ فيما سبق ـ بطلان هاتين الفرضيتين وأمثالهما من الأساس.
ونضيف هنا ما ذكرناه في البحث السابق وهو ان هؤلاء المحللين قد افترضوا أمراً من عند أنفسهم وهو «ان الاعتقاد بالله اعتقاد بأمر موهوم وباطل» ، وبعد أن اعتبروا ذلك أمراً مسلماً لا نقاش فيه عمدوا إلى البحث عن أسباب نشوء هذا الامر الباطل الموهوم فنحتوا ما نحتوا ، والحال أن هذا نفس المدعى ، اذ لو لم يكن نفس الاعتقاد بوجود الله أمراً باطلا ـ في نظرهم ـ بل كان مما يدعمه الدليل الصحيح والبرهان الواضح لما نحتوا هذه الفرضيات لتفسير نشوئه فان الانسان العاقل لا يتحرى عن أسباب الاعتقاد بالمعادلة الحسابية التالية : ٢ × ٢ = ٤ مثلا لان هذا الاعتقاد بهذه المعادلة يستند الى أمر واقعي.
فلامجال فيه لاختلاق أسباب ، ونحت علل وفرضيات.
* * *
٣ ـ الدين ونظرية استغلاله
عندما تجاهل الماديون العلة الواقعية الروحية لنشوء العقيدة في حياة البشر ، والسبب المنطقي المتمثل في الرابطة العقلية بين مشاهدة النظام ، والاعتقاد بقوة خالقة مدبرة ، عمدوا إلى اختلاق ونحت فرضيات خيالية لتعليل هذه الظاهرة الخالدة ، ليخدعوا بها أنفسهم ، ويظللوا بها السذج والبسطاء.
فتارة عللوا نشوء العقيدة الدينية بعامل الجهل بالاسباب الطبيعية للحوادث.
وتارة عللوه بعامل الخوف من الحوادث الطبيعية المرعبة.
وثالثة عللوه بعامل اقتصادي ، وهذا التحليل لا يختص بتفسير نشأة الافكار الدينية بل هم يحللون كل ما في المجتمع من علم وفلسفة وفن وثقافة ، وآداب