بين تينك المرحلتين شيء ثالث من غير فرق ـ بين ذلك ـ بین المفاهيم الذهنية ، أو العينيات الخارجية ، وحوادث المجتمعات البشرية وتطوراتها.
ففي مجال «الطبیعیات» ذكروا الأمثلة التالية :
١ ـ ان الحبة من الحنطة اذا وضعت تحت التربة تكون في مرحلة اثبات وجود نفسها ، ثم انه يصارعها في صميمها ما يريد نفي وجودها ، وثباتها ، فيتولد من هذا الصراع اخضرار الحبة ، ثم تطورها إلى نبتة خضراء وهكذا تتطور في ظل هذا الصراع حتى تتحول الى شجرة وثمرة.
٢ ـ ان الجذب والدفع لا ينفصلان عن بعضهما بعضا شأن السالب والموجب (١).
٣ ـ ان البيضة تحمل في باطنها ما یضاددها وبعد الصراع بين الاثبات والنفي يحصل الفرخ.
وفي مجال «الذهنیات» مثلوا بالمثال التالي :
عندما نقول : «الوردة هي زهرة» فنحن نعتمد على مفاهيم متقابلة فالوحيد (وردة) والعام (زهرة) (٢).
وفي المفاهيم الذهنية كل ظاهرة فكرية في المرحلة الاولی وجود نفسها وهويتها ، فاذا عارضتها فكرة اخرى وقع الصراع بين الفكرتين ، ويؤول ذلك الى انتقاض الفكرة الأولى ، بالفكرة الثانية ، ويتولد من ذلك فكرة ثالثة وهكذا حتى يحصل التطور والتكامل في المفاهيم الذهنية والافكار.
وفي هذا المجال كتب مؤلفوا كتاب المادية الديالكتيكية يقولون :
«ان الحقيقة تنشأ وتتبلور ، في الجدال ، في اصطدام وجهات النظر
__________________
(١) المادية الديالكتيكية ص ٦٢.
(٢) المادية الديالكتيكية ص٢٧.