الطمأنينة والأمن هو الذي دفع بالبشر الى اختراع وافتعال فكرة «القوة العليا» ليكتسبوا في ظلها هذه الحالة في حين أن حصول الطمأنينة وما شاكلها انما هو من الاثار المترتبة على العقيدة لا من دوافع ايجادها ، فمن آمن بالله قویت عزيمته وسكنت نفسه لانه ربطها بقدرته المطلقة. وحصول هذه الامور انما يكون بعد الاعتقاد بوجود ذلك الفاعل القادر لا باعثاً على تصوره واختراعه.
القرآن ونظرية الخوف
آن ادعاء الماديين بأن الاعتقاد بالله وعبادته والخضوع له جاء نتيجة خوف الانسان من الحوادث الطبيعية الرهيبة ـ حسبما جاء في نظرية الخوف ـ ليس مبنياً على أي أساس صحيح كما عرفت ، اذ أية ملازمة عقلية أو عادية بين «الخوف» «واختراع فكرة الاله» في الذهن ، فانه لابد من وجود ملازمة عقلية أو عرفية بين «المقدمة» و «النتيجة» حتى يكون تصور المقدمة موجباً للانتقال إلى النتيجة وليس هاهنا أية ملازمة من هذا النمط بين الخوف من الحوادث الطبيعية المرعبة ، وبين تصور خالق للكون قادر على دفع البلایا.
فان فكرة «الخالق الاله» ليست هي نفس الخوف من الحوادث المرعبة ولا تلازم بين وجود الخوف في الذهن الإنساني من تلك الحوادث وهذه الفكرة ، فكيف ـ والحال هذه ـ يمكن أن تستنتج فكرة الاله الخالق من حالة الخوف.
والحاصل أن التداعي بين الأمرين النفسيين لا يتحقق الا أن يكون بينهما نوع ملازمة عقلية أو عرفية والحال أنه لا وجود لمثل هذه الملازمة لدى الانسان العائش في العصور الأولى ، الذي يسند الماديون اعتقاده بالاله الخالق الى خوفه من الحوادث الطبيعية الرهيبة.