١٤ ـ الأصول الديالكتيكية لا تستلزم الالحاد
ان الأصول الديالكتيكية التي طرحها الفيلسوف الألماني «هيجل» لم يهدف من ورائها الالحاد ، وانكار العوالم الغيبية وراء المادة ، ولكن تلميذه «فورباخ» هو الذي استنتج منها «الالحاد» ورتب عليها انكار الخالق حيث تصور أن العالم بما فيه من «الصراع الداخلي» وان المادة بما تحتوي من الجدلية والتضاد يمكن أن يفسر تحول المادة وتكاملها من جانب نفسها ، ومن دون الحاجة إلى أي عامل خارجي!! مع ان الالهي والمادي سواء تجاه هذه الاصول ، فلا الاعتقاد بالعوالم الغيبية ووجود الخالق يستلزم نفي هذه الأصول ولا اثبات هذه الأصول يستلزم نفي تلك العوالم الغيبية.
فان هذه الاصول ـ على فرض ثبوتها ـ لا تتجاوز عن كشف قوانين وأنظمة في الطبيعة تنجر إلى ظهور تنوعات ، وكمالات في المادة.
فلیس وجود هذه الأصول في عالم المادة والطبيعة دليلا على عدم وجود يد غيبية وراء العالم المادي ، أوجدت فيه هذه القوانين ، وأرست فيه هذه السنن.
فان الأصول الديالكتيكية الأربعة لا تتجاوز عن كونها شرحاً وتوضیحاً للنظام السائد في داخل المادة ، فهي مثل آلاف القوانين والسنن المكتشفة بواسطة العلماء والاختصاصيين في دراسة الطبيعة وغيرها ، أو ليس هذا النظام وهذه السنن تدل على ان هناك وراء هذا الكون قوة عليا شاعرة عاقلة قد أرست هذه الأصول والقوانين والسنن ، وأودعت في المادة هذا النظام الخاص دون غيره ، إذ أن انفجار المادة كان من المستحيل ـ لو تم عفوياً وبدون تدبیر علوي ـ أن يكون مولّداً لتلك الأصول.
هذه هي أبرز النقاط والمآخذ على هذا الأصل (وهو صراع المتناقضات) وتفسیر تنوعات الطبيعة بها ، وتمت مآخذ اخرى كثيرة اعرضنا عن ذكرها هنا.