الثانی / انه سيوافيك في مبحث «الحركة الجوهرية» أان الحركة ليست جارية في سطوح الأجسام ، وظواهر الطبيعة وقشورها بل هي نافذة الي أعماقها وصميم جوهرها ، فالكون بأعراضه وجواهره متحرك غير ساكن وما هو متحرك ذاتاً وجوهراً يجب أن يكون له محرك من غير نفسه اذ لا يمكن أن يكون ذلك المحرك هو نفسها ، لانه يستحيل أن يكون الشيء المتحرك محركاً لنفسه لان الحركة من مقولة «الانفعال» ، والمحركية من قبيل «الفعل» ، وهما لا يجتمعان في شيء واحد ، لأن ملاك الأول هو : الفاقدية والاخذية ، وملاك الآخر هو : المالكية ، والاعطائية ، ومن هنا يكون اقامة «التضاد الداخلي» مكان العلكة الفاعلية أشبه بالهزل.
بل سيوافيك ان معنى الحركة الجوهرية ونتيجتها فوق هذا الذي ذكرناه من كون المادة متحركة ومحتاجة إلى المحرك ، بل ان معنى الحركة في الجوهر هو كون الطّبيعة ذات وجود سیال مستمر ونابع كنبعان الماء من منبعه ، وجريان الزمان وتصرّمه ، فعالم المادة ـ على ذلك ـ أشبه شيء (١) بالوجود والتحقق من جانب والانعدام والفناء من جانب آخر ، وما هذا شأنه يحتاج إلى علة فاعلية تضفي عليه الوجود في كل آن وحین (٢).
__________________
(١) انما عبرنا بقولنا أشبه لان الطبيعة المنصرمة الماضية وان كانت غير موجودة في القطعة اللاحقة غير أنها موجودة في ظرفها ومحلها ، ولا يمكن سلب الواقعية عن شيء بعد تحقته في ظرفه نحو الاطلاق ولأجل ذلك يقول الالهيون «المتدرجات في وعاء الزمان مجتمعات في وعاء الدهر».
(٢) وسيوافيك تفصيل هذا البحث عند دراسة الأصل الثاني من الاصول الديالكتيكية وهو «الحركة».