الجديدة ، والكيف الجديد.
أو ليس ذلك لأن الماركسيين لا يرون لظهور الصور والفعليات الجديدة علة أخرى.
أجل أن دافع الماركسية الى اتخاذ مثل هذه الفكرة ليس الا اتخاذها لموقف مسبق في تحليل الظاهرة الكونية وفعلياتها ، فانها اذ اتخذت المادة أصلا ، وأنكرت وجود كل العوالم غير المادية ، نظرت إلى العالم من زاوية هذه الفكرة الخاصة فلم تجد ما يصلح لاسناد ظهور الفعليات اليه غير «الصراع والتناقض الداخلي» في جوهر الاشياء فاعتبرته علة مفيضة للفعاليات وسبباً بناءاً للكمالات ، فأقامته مقام العلة الفاعلية في الفلسفة الالهية.
ترى هل يصح لمن يحاول تفسير الكون بموضوعية وجدية أن يعتمد على مثل هذه الفكرة التي لا دليل له عليها سوى الموقف المسبق؟!
وها نحن نلفت نظر القارئ الى أمرين لاثبات عدم كفاية التضاد الداخلي الظهور ما في الكون من الحركات والتنوعات والتوجه نحو الكمال تاركين التفصيل الی محله :
الأول / ان المادة ـ في حركتها ـ تتوارد عليها فعليات جديدة ليست من سنخ المادة ، كالشعور والادراك والمشاعر النفسانية التي برهن العلماء في الفلسفة الاسلامية على تجردها عن المادة ، فما هو العلة لظهور هذه الكمالات في المادة؟ وهل يمكن ان نعتبر «الصراع الداخلي» علة لظهور الأرواح والنفوس والحالات الروحية والنفسانية (١)؟ والمادي وان كان ينكر كل شيء يتصور وراء المادة ، الا انه لا قيمة لانكاره بعد اطباق الأدلة الفلسفية والتجارب العلمية على وجود تلك العوالم والحقائق في ما وراء الطبيعة والمادة.
__________________
(١) وقد عرفت بعض الأدلة على تجرد الروح عن المادة نلاحظ ص من هذا الكتاب.