تكن الّا بسبب سكوتهم وعدم ثورتهم ضدهم ، وانهم ما لم يغيروا أوضاعهم الفاسدة بانفسهم ، لم يغيّر الله من أمرهم شيئاً.
وهذه سنة تاريخية ثابتة في مجال الاجتماع لا مندوحة منها ولا مناص ، فكل امة تريد أن يعود اليها مجدها ، وسيادتها لا تحصل على ذلك الا اذا غيّرت وضعها بنفسها أولا.
قال سبحانه :
إِنَّ اللَّـهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ (الرعد ـ ١١)
اذن فسيطرة الظالمين باقية مستمرة ما دام الناس لم يثوروا في وجه الظالمين ولم يتمردوا على أوامرهم وتحكماتهم.
٤ ـ العقيدة الدينية ظاهرة طفولية
ثم ان ثمت نظرية أخرى لا يليق أن نذكرها في عداد النظريات لتفاهتها وسخافتها الفاضحة ، وهي : ان الانسان يوم كان طفلا كان يحس بالحاجة الشديدة الى الحماية تجاه الأخطار المحيطة به بسبب ضعفه وعجزه ، فكان يجد هذه الحماية عند امه ، ولما أدرك تفوق الاب لجأ اليه ، ولما أحس بعجز أبيه أيضاً تجاه الأخطار الكبرى مضى يبحث عن قوة أكبر قدر على حمايته تجاه الحوادث حتى يحلّه محلّ أبيه ، وهكذا نشأت عنده فكرة الاله.
والمجتمع وان تخلص اليوم عن بعض ما يعلق بضمير الطفل من الحاجة في اللجوء الى الأم أو الأب حيث انه قد بلغ مرتبة كبيرة من البلوغ العقلي والفكري الّا ان اعتقاده بالله استمر لاستمرار الحالة الطفولية التي كانت تعلق بضمير المجتمعات الغابرة التي كانت من حيث العقل والقهم بمنزلة الطفل.