٢ ـ التدين لا يوجد بسبب التعليم :
ان دراسة الانسان وحالاته تفيد بأن التدين يظهر لديه ظهوراً تلقائياً من دون تعليم معلم أو تلقين أحد ، وتبرز هذه الحالة في أقوى مظاهرها في فترة البلوغ خاصة ، فالشاب في هذه الفترة يفكر في خالق الكون ، ويفتش عنه ، ويكثر من الأسئلة حول ما وراء الطبيعة بوحي من فطرته وذاته لا بدافع من تعليم معلم أو تلقين ملقن.
وهذه الحقيقة توصل الى اكتشافها علماء النفس والاجماع مؤخراً ، ونذكر على سبيل المثال ما كتبه «استانلي هال» بناء على ما جاء في كتاب البلوغ لـ : «موریس دبس» اذ يقول : كأن جميع علماء النفس اتفقوا على هذه النقطة وهي ان بين ظاهرة البلوغ ، والقفزة الفجائية في المشاعر الدينية ارتباطاً وصلة».
ففي هذا الحين بالذات يظهر لدى الانسان نوع من النهضة الدينية حتى عند اولئك الذين كانوا قبل ذلك من غير المكترثين بقضايا الدين والايمان ويعودون ـ بعد فترة الكمال والنضج هذه ـ الى نفس الحالة السابقة من اللامبالاة بالنسبة الى قضايا الدين أيضاً.
وحسب نظرية «استانلي هال» فان أكبر قدر من هذه المشاعر الدينيّة تظهر في حدود السنة السادسة عشرة ، وهذا التحول يمكن اعتباره صورة مختصرة عن اتساع الشخصية لدى الشباب ، وتكاملها.
ثم يقول : «وأما الذين مروا في طفولتهم بتربية دينية فلا تظهر عندهم هذه النهضة والوثبة الدينية بصورة فجائية ، بل تشتد محبة الله لديهم في هذه الفترة ـ وحسبما يقول «پ بووه» ـ تختلف هذه الرابطة والعلاقة عن العلاقة التي كانوا يحسون بها في دنيا الابوة والبنوة عندما كانوا صغاراً.