هذا مضافاً الى ان مثل هذا الاشكال يعود الى حصر ادوات المعرفة في الحس والتجربة خطأ وجهلا ولهذا بادروا الى انكار كل ما لا يدرك بالحس ولا يخضع للتجربة في حين أن هناك وسيلة أخرى للادراك هو العقل.
هذه هي بعض الشواهد الدالة على ما كان يعاني منه بعض العلماء والمفكرين في الغرب من ابهامات وانحرافات في جراء عدم وجود فلسفة الاعتقاد والتصور من الهية صحيحة جامعة تعالج المشكلات ، وتجيب على التساؤلات وتعرض المفاهيم الاعتقادية الدينية والمعارف الالهية في صورتها الصحيحة المعقولة التي ترضي العقول ، ويرتاح اليها العقلاء والمفكرون.
على ان فقدان مثل هذه الفلسفة الصحيحة الجامعة لم يترك أثره على الملحدين في الغرب بل كان له تأثير في تصورات واعتقادات المؤمنين هناك أيضاً ، ويتضح ذلك من بعض الاستدلالات الواهية التي كانوا يستدلون بها على وجود الله سبحانه.
فها هو دیكارت مثلا يقول : «لما كانت فكرة الاله التي تساورني أكبر من عقلي ومخي فلا يمكن ان تكون مخلوقة لفكري وعقلي فلابد أنها قد أودعها في نفسي جوهر لامتناهي له مطلق الكمال وذلك هو الله».
وقد غاب عنه أن ما لا يتسع له مخه هو حقيقة وجوده سبحانه لا مفهوم ذلك الوجود واسمه ، وما يكون العقل والمخ محلا له انما هو المفهوم لاحقيقة الوجود غير المتناهي ، ولهذا لا يصح هذا المبنى ، اذ ما أكثر الأشياء التي يتصورها الانسان وهي أكبر من مخه وعقله ، وأخيراً هناك بعض الشواهد الأخرى على فقدان منهج فلسفي صحيح يقوم بهداية الافكار وحل المعضلات والمشاكل الفكرية ، وقد مر بعضها عند الاجابة على الأسئلة التي طرحها الفيلسوف الانجليزي «ديفيد هيوم ، فراجع فصل الاسئلة والأجوبة المتقدم.