وثانياً : ان كونت أخطأ حيث جعل ملاك التقسيم التصورات والأفكار العامية السائدة في أوساط الرعاع الدارجة بين الدهماء ، وقال بأنهم كانوا ـ في العصور البدائية ـ يسندون كل الظواهر والحوادث الجزئية الطبيعية إلى الله جهلا بمبادئها واسبابها الحقيقية ، ثم لما ازداد ومعرفة بالطبيعة اعتقدوا بالعلل المجردة (كالارواح) الى جانب العلة الأولى ولما جاء عصر العلم وكشفت الأبحاث العلمية عن الأسباب المادية والعلل الواقعية للظواهر الطبيعية انتقل الى المرحلة الثالثة ولم يعد يعتقد بوجود الله وتأثيره مطلقة.
ولقد كان يتوجب علی باحث مثله أن يجعل ما يدور في أوساط المفكرين والعلماء والفلاسفة والحكماء ملاكا لدراسة تاريخ الفكر البشري لا ما يدور في أوساط الدهماءوالجهلة ، بالاضافة إلى أنه ليس في الأوساط العلمية أي أثر لهذه المراحل الثلاثة.
* * *
الشاهد الرابع
ان الشاهد الاخر على مدى تأثير غياب منهج فلسفي قويم ، ومدرسة اعتقادية صحيحة في الاقبال على المادية ورواجها في الغرب هوما تمسك به بعضهم لانكار الخالق وهو عدم رؤية الله سبحانه في المختبرات ومشاهدته بالعين ، وهو يكشف عن جهلهم بمنطق الالهيين والمؤمنين بالله ، وتصورهم عن الذات الإلهية المقدسة وهو انها ليست من مقولة الأشياء المادية حتى يمكن رؤيتها كما ترى الأشياء المادية.
__________________
بوجود وتأثير القوى الروحية كالملائكة وغيرهم ممن يسميهم الوحي العزيز بجنوده سبحانه اذ يقول : (وما يعلم جنود ربك الا هو ـ المدثر : ٣١).