والماء أكثر السوائل المعروفة اذابة لغيره من الاجسام وهو بذلك يلعب دوراً كبيراً في العمليات الحيوية داخل أجسامنا.
كما أن له خاصية اخرى وهي ان الانسان يتوقع من وزنه الجزيئي (١٨) أن يكون غازياً تحت درجة الحرارة المعتادة والضغط المعتاد ، فالنوشادر مثلا وزنها الجزيئي (١٧) تكون غازية عند درجة حرارة ناقص (٧٣) وتحت الضغط الجوي المعتاد ، وكبریتور الايدروجين الذي يعتبر قريباً في خواصه من الماء بحكم وضعه في الجدول الدوري وله وزن جزيئي قدره (٣٤) يكون غازياً عند درجة حرارة ناقص (٥) درجة.
ولو لم يقاوم الماء اتجاه تغییرات حرارة الارض ولو لم تساعد سيولته على بقاء درجة الحرارة فوق سطح الأرض لتضاءلت صلاحية الأرض للحياة الى درجة كبيرة (١).
فهل يمكن اعزاء كل هذا الضبط والدقة في المقاييس والنسب الى فعل المادة الصماء العمياء البكاء والحال انه يكشف عن تدبير وحساب ويحكي عن نظام متقن وعظيم ويدل على ان وراء كل ذلك خالق حكيم هو الذي اوجد هذا التوازن المدهش والضبط الدقيق.
اجل ان ذلك التوازن وهذا الضبط يشهدان بدخالة الشعور والحكمة والعقل في ادارة هذا العالم وتدبيره وتسييره وهي أمور لا تتوفر في الصدفة بل تتوفر في قوة عليا شاعرة هادفة تدرك مصلحة الكون واحتياجات الحياة ادراكا كاملا وشاملا فتخضع الكون لمثل هذه الضوابط والعلاقات.
__________________
(١) الله يتجلى في عصر العلم ص ٤٤.