٣ ـ انهيار بعض النظريات العلمية القديمة
لقد كان سقوط وانهيار بعض الآراء والنظريات الطبيعية والفلكية القديمة ابان التحول العلمي الذي حدث في الغرب احد العوامل الجوهرية التي دفعت ببعض العلماء والمفكرين الى الشك في كل ما يتصل بالقديم من آراء وافكار ونظریات ، شأن كل ثورة علمية او اجتماعية ، فانها لا تكتفي باجتياح ما هو باطل فقط ، بل تجتاح تحت تأثير العامل النفسي السلبي كل شيء يتصل بما قبل الثورة حقا كان او باطلا ، صحيحاً كان او خطأ ، ولم تسلم الأفكار والمعتقدات الدينية من هذا القانون ، فلقد كان لانهيار بعض الاراء والنظريات الفلكية مثلا تأثير كبير على المعتقدات الدينية ايضا حيث تعرضت هذه الأخيرة بسبب ذلك ـ لموجات من التشكيك ، والنقد والاعراض.
وللمثل ظلت نظرية بطلميوس الفلكية التي كانت تعتبر الأرض مركزة للكواكب بما فيها الشمس التي سميت فيما بعد بالمنظومة الشمسية ، وتعتبر الافلاك اجساماً وطبقات رتبت بعضها فوق بعض مثل قشور البصل ، وثبتت فيها الكواكب والنجوم كما تثبت المسامير في الجدران او المصابيح في السقوف ، وانها (اي الافلاك) هي التي تدور حول (الأرض) في صورة دائرية وتدور معها الكواكب المثبتة فيها تبعة لها ، وان هذه الأفلاك تنحصر في تسع ، والكواكب تنحصر في عدد معين لا اكثر.
لقد ظلت هذه النظرية التي صاغها بطلميوس في منتصف القرن الثاني قبل الميلاد مسيطرة على الأوساط العلمية قرابة خمسة عشر قرنا من الزمان حتی اذا جاء التحول العلمي في الغرب انهارت هذه الفرضية بانهيار اركانها ، بعد أن توصل اربعة من العلماء الكبار إلى حقائق جديدة في عالم الفلك والفضاء تخالف ما ذهب اليه بطلميوس واتبعه فيه الكثيرون طوال كل هذه القرون الحديدة.