.................................................................................................
______________________________________________________
وعبارة التقريرات لا تخلو عن اغلاق فلا بد من توضيحها.
فنقول : ان استعمال اللفظ مجازا في غير ما وضع له على نحوين :
تارة يكون في معنى مباين للمعنى الحقيقي له شبه به ، مثلا كاستعمال الاسد في الرجل الشجاع فانه مباين للاسد.
واخرى في مثل العام المستعمل مجازا في الباقي ، فان الباقي ليس مباينا مباينة تامة للمعنى الحقيقي وهو جميع الافراد ، بل هو مما للعام دلالة عليه تضمنية لانه بعضه ، ودلالة العام على بعض اجزائه من التضمن والباقي جزء من جميع الافراد.
ولا يخفى ان العام قبل ورود التخصيص له دلالات تضمنية : منها المقدار الذي خرج بالتخصيص منه ، ومنها الباقي ، ومنها المراتب الآخر دون الباقي ، وهذه الدلالات التضمنية لا ربط لكل منها بالاخرى ، فاذا انقطع العام عن الدلالة على بعض هذه الدلالات التضمنية فلا ينقطع عن الدلالات التضمنية الاخرى ، فالعام بعد اخراج المقدار الخاص عنه بالتخصيص الذي كان العام يدل عليه بالتضمن لا ينقطع ربطه بالدلالات الاخرى ، لان انقطاع العام عن دلالته التضمنية على الخارج منه لا يستلزم كون الباقي شيئا مباينا له كالرجل الشجاع بالنسبة الى الاسد ، بل الباقي يبقى مرتبطا بالعام لان خروج الخاص عنه انما هو لوجود مانع عن دلالة العام عليه وهو التخصيص ، فالمقتضي للربط بين العام وبين الدلالة التضمنية الاخرى وهو الباقي موجود والمانع عن هذا الارتباط ، مفقود ، اذ ليس للعام بالنسبة اليه تخصيص حتى يكون مانعا عن الربط بينهما.
فان قيل : ان الربط بينهما انما كان حيث كان دالا على معناه الحقيقي فكيف يبقى الربط بعد ارتفاع المعنى الحقيقي واستعمال العام مجازا.
فانا نقول : ان استعمال العام مجازا في الباقي انما هو مقتضى الجمع بين الخاص المانع عن شمول العام لجميع الافراد ، فاذا جمعنا بين العام الذي له دلالات تضمنية