فإذا شك في جوازه صح التمسك بعموم دليلها في الحكم بجوازها ، وإذا كانت محكومة بعناوينها الاولية بغير حكمها بعناوينها الثانوية ، وقع المزاحمة بين المقتضيين ، ويؤثر الاقوى منهما لو كان في البين ، وإلا لم يؤثر أحدهما ، وإلا لزم الترجيح بلا مرجح ، فليحكم عليه حينئذ بحكم آخر ، كالاباحة إذا كان أحدهما مقتضيا للوجوب والآخر للحرمة مثلا (١).
______________________________________________________
التعرض له في الجزء الثاني ان شاء الله. واشار الى عدم اخذ حكم من الاحكام الواقعية في موضوعاتها اصلا ، كما واشار الى الادلة بالنحو الاول بقوله : «فيما لم يؤخذ في موضوعاتها حكم اصلا».
وهناك فرق آخر بينهما غير هذا الفرق ، وهو ان محل الكلام في الادلة الثانوية بالنحو الاول هو الفرد المشكوك شمول العام الاولي له ابتداء ، فان الوضوء بالمائع المضاف مما يشك ابتداء شمول ادلة عموم الوضوء الاولية له واقعا ، والكلام في هذا النحو الثاني وهو ادلة العسر والحرج هو الفرد المشكوك بقاؤه تحت العام بعد عروض العنوان الثانوي كالعسر والضرر له ، فان الوضوء بالماء البارد ـ مثلا ـ قبل عروض العسر أو الضرر كان داخلا تحت ادلة عموم الوضوء قطعا ، ولكن بعد عروض العسر والحرج أو الضرر يشك في بقائه تحت العمومات الاولية ، لاحتمال حصول المانع بتقديم ادلة العسر والضرر عليه كما سيأتي بيانه.
(١) ولا يخفى ان الكلام فيها على التفصيل يأتي في بابها من الجزء الثاني أي الادلة العقلية ، وانما الكلام فيها هنا في الجملة وعلى المبنى فنقول :
انه تارة : يكون بين هذه الادلة الثانوية والادلة الاولية توافق في الحكم كما لو كان الحكم الاولي هو الاباحة ـ والمباح لا وجوب فيه ولا حرمة ـ كغسل الجلد للتنظيف ـ مثلا ـ بالماء البارد فانه من المعلوم عدم وجوبه وعدم حرمته ، فاذا عرض عليه العسر يكون الدليل الثانوي موافقا للدليل الاولي ، فان دليل العسر رافع للزوم