للخطاب الايقاعي الانشائي ، فالمتكلم ربما يوقع الخطاب بها تحسرا وتأسفا وحزنا مثل : يا كوكبا ما كان أقصر عمره أو شوقا ، ونحو ذلك ، كما يوقعه مخاطبا لمن يناديه حقيقة ، فلا يوجب استعماله في معناه الحقيقي ـ حينئذ ـ التخصيص بمن يصح مخاطبته ، نعم لا يبعد دعوى الظهور ، انصرافا في الخطاب الحقيقي ، كما هو الحال في حروف الاستفهام والترجي والتمني وغيرها ، على ما حققناه في بعض المباحث السابقة ، من كونها موضوعة للايقاعي منها بدواع مختلفة مع ظهورها في الواقعي منها انصرافا ، إذا لم يكن هناك ما يمنع عنه ، كما يمكن دعوى وجوده غالبا في كلام الشارع ، ضرورة وضوح عدم اختصاص الحكم في مثل (يا أيها الناس اتقوا) و (يا أيها المؤمنون) بمن حضر مجلس الخطاب ، بلا شبهة ولا ارتياب. ويشهد لما ذكرنا صحة النداء بالادوات ، مع إرادة العموم من العام الواقع تلوها بلا عناية ، ولا للتنزيل والعلاقة رعاية (١).
______________________________________________________
«كما ان قضية ارادة العموم منه لغيرهم» أي ان ارادة العموم من العام لغير الحاضرين بحيث يشمل الغائبين والمعدومين يستلزم «استعماله» أي استعمال ما وضع للخطاب الحقيقي «في غيره» أي في غير معناه الحقيقي.
(١) قد مر في مبحث الاوامر في ذيل بحث اتحاد الطلب والارادة فيما وضع له هذه الادوات كالتمني والترجي والاستفهام والخطاب ، وانها لم توضع للحقيقي منها ، وانما وضعت للمعنى الانشائي الايقاعي منها ، فادوات الخطاب مثلا لم توضع للخطاب الذي يكون بقصد ان يفهم المخاطب ما سمعه مما وقع بعد أداة ، بل كثيرا ما يقع الخطاب والمخاطب مثل الديار والرسوم وهي لا تسمع ولا تفهم بقصد التحسر او التأسف ، ولو كانت موضوعة للخطاب الحقيقي لكان استعمال ادوات