.................................................................................................
______________________________________________________
وحيث عرفت ان السيرة الممضاة دالة على كون حجية الخبر الواحد بحيث تشمل تخصيص قطعي الصدور به فلا بد من القول بجواز تخصيص الكتاب به ، لان الكتاب وان كان قطعي الصدور ولكنه ظني الدلالة ، والخبر قطعي التقديم من ناحية الدلالة لفرض كونه خاصا ، فيقع التعارض بين دلالة العام الكتابي لكونها غير قطعية وسند الخبر الواحد لانه غير قطعي ايضا ، فلم يقع التعارض بين القطعي والظني بل التعارض بينهما بين غير القطعيين ، والى هذا اشار بقوله : «والسر ان الدوران في الحقيقة بين اصالة العموم» في العام الكتابي وهي غير قطعية «ودليل سند الخبر» وهو غير قطعي.
واذا اتضح ان التعارض بينهما في هاتين الجهتين فلا بد من تقديم الخبر وتخصيص الكتاب به ، لان اصالة العموم انما تتبع حيث لا تزاحم بحجة اقوى منها ، ودلالة الخبر الثابتة حجيتها باعتبار سند الخبر لقيام الادلة على حجيته تكون قرينة اقوى من اصالة العموم صالحة للتصرف في اصالة العموم ، واصالة العموم غير صالحة للتصرف في الخبر لكون الحجية في اصالة العموم معلقة على عدم القرينة على خلافها وحجية الخبر الواحد غير معلقة على ان لا تكون اصالة العموم على خلافه ، ومن الواضح ان الحجية المعلقة لا تزاحم الحجية غير المعلقة ، والى هذا اشار بقوله : «مع ان الخبر بدلالته وسنده صالح للقرينية على التصرف فيها» أي على التصرف في اصالة العموم «بخلافها» أي بخلاف اصالة العموم «فانها غير صالحة لرفع اليد عن دليل اعتباره» أي دليل اعتبار الخبر.