ثبوتا (١) ، وإنما اقتضت الحكمة إظهار دوام الحكم واستمراره ، أو أصل إنشائه وإقراره ، مع أنه بحسب الواقع ليس له قرار ، أو ليس له دوام
______________________________________________________
مخصصا للعام ، ولو كان واردا بعد حضور وقت العمل بالعام لعدم لزوم قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة ، ولا الخلف كما تقدم بيانه.
الثاني : بناؤهم على لزوم كون الخاص مخصصا فيما اذا كان قبل حضور وقت العمل سواء كان العام متقدما والخاص متأخرا او كان الخاص متقدما والعام متأخرا وكان قبل حضور وقت العمل بالخاص.
وفي تحقيق حقيقة النسخ يتضح انه لا مانع من كون الخاص ناسخا فيما اذا تقدم العام ، ومنسوخا فيما اذا تقدم الخاص. وعلى كل فالنسخ ممكن قبل حضور وقت العمل.
(١) لا يخفى ان النسخ لا يعقل ان تكون حقيقته رفع الحكم الثابت واقعا ، لانه يستلزم محالات ثلاثة :
الاول : ان النسخ لو كان رفعا للحكم واقعا فلازمه ان يكون الحكم قبل نسخه قد كان مرادا له ـ تبارك وتعالى ـ واقعا وقد ارتفع بالنسخ ، لانه قد تغيرت ارادته في الحكم فنسخ لما بدا له نسخه ، وهو محال لان تغير ارادته مستلزم للتغير في ذاته لان صفاته عين ذاته ، والتغير في ذاته محال لبساطة ذاته وقدمها ، وتغير البسيط محال وتغير القديم بالذات محال ، كما هو مبرهن عليه في محله.
لكنه لا يخفى ان هذا انما يلزم حيث يكون الحكم هو الارادة والكراهة ، واما اذا كان الحكم ليس هو إلّا البعث بداعي التحريك فلا يستلزم تغيره تغيرا في ارادته.
الثاني : انه لو كان النسخ رفعا للحكم الثابت واقعا فالحكم قبل نسخه كان ثابتا ثبوتا استمراريا ، لوضوح ان الرفع واقعا يستلزم ثابتا ، لو لا الرفع لبقى على ثبوته ، فقبل نسخه كان علمه ـ تبارك تعالى ـ قد تعلق بثبوته واستمراره ثم نسخه فتغير علمه الذي كان متعلقا به ، لانه كان عالما باستمراره واقعا ثم تغير ذلك العلم حيث يرى له