واستمرار ، وذلك لان النبي صلىاللهعليهوآله الصادع للشرع ، ربما يلهم أو يوحى إليه أن يظهر الحكم أو استمراره مع اطلاعه على حقيقة الحال ، وأنه ينسخ في الاستقبال ، أو مع عدم اطلاعه على ذلك ، لعدم إحاطته بتمام ما جرى في علمه تبارك وتعالى ، ومن هذا القبيل لعله يكون أمر إبراهيم بذبح إسماعيل (١). وحيث عرفت أن النسخ بحسب
______________________________________________________
نسخه فقبل ان يبدو له ـ تعالى ـ نسخه لم يكن له علم بان امد الحكم ينتهي الى زمان النسخ ويكون قبل البداء في نسخه جاهلا بما يصير اليه الحكم من النسخ تعالى قدسه عن ذلك علوا كبيرا.
الثالث : ان الاحكام تابعة للمصالح والمفاسد في متعلقاتها ، وحينئذ فان كان ملاك الحكم موجود فلا يعقل نسخه وان كان غير موجود فلا يعقل ان يكون منسوخا ، لان النسخ هو الرفع واقعا والرفع واقعا يستلزم مرفوعا واقعا ، فهذه المحالات الثلاثة انما تلزم حيث يكون النسخ هو رفع الحكم الثابت واقعا.
واما اذا كان النسخ ليس رفع الحكم واقعا وثبوتا وانما هو رفع له اثباتا ودفع ثبوتا : أي انه حيث كان الظاهر هو استمرار الحكم فالدليل الناسخ قد دل على رفع ما كان ظاهره الاستمرار ، ولكنه في الواقع حيث كان امد الحكم منتهيا فالنسخ في مرحلة الواقع والثبوت دفع لما كان ظاهره الاستمرار لا رفع للحكم الثابت ، لانه في الحقيقة لا حكم واقعا لانتهاء امده ، والى هذا اشار بقوله : «فاعلم ان النسخ وان كان رفع الحكم الثابت اثباتا» بحسب مقام الاثبات «إلّا انه في الحقيقة دفع الحكم ثبوتا».
(١) حاصله : انه يبقى السؤال بانه اذا لم يكن الحكم ثابتا واقعا لمصلحة مستمرة في متعلق الحكم فلم اظهره بعنوان الدوام والاستمرار؟
والجواب عنه ان اظهار الدوام والاستمرار لمصلحة وحكمة قد اقتضت ذلك ، وهذا الاظهار ربما يكون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم المبلغ لاحكامه تعالى مطلعا على انتهائه ، ولكنه