تبارك وتعالى ، بالمعنى المستلزم لتغير إرادته تعالى مع اتحاد الفعل ذاتا وجهة (١) ، والّا لزم امتناع النسخ أو الحكم المنسوخ ، فإن الفعل إن كان
______________________________________________________
الحكم واقعا ونسخه قبل حضور وقت العمل ، لان ثبوته واقعا لازمه كونه لمصلحة في متعلقه ، ونسخه قبل حضور وقت العمل لازمه عدم كونه لمصلحة في متعلقه.
إلّا أنّك قد عرفت انه لا يعقل ان يكون النسخ رفعا للحكم الثابت واقعا وأن حقيقته هو الرفع اثباتا لا ثبوتا ، وغاية ما يقتضى ذلك هو اظهار ان الحكم لبيان الواقع فاذا كان الحكم له هذا الاظهار جاز ان ينسخ قبل حضور وقت العمل.
والفرق بين النسخ والتخصيص هو ان التخصيص بناء على المشهور يكون من استعمال العام في الخاص لالتزامهم بمجازية العام المخصّص ، وعلى هذا فالفرق بينهما واضح لكشف التخصيص عن عدم استعمال العام في العموم.
واما بناء على ما هو المختار للمصنف من انه راجع الى الارادة الجدية دون الاستعمالية فللعام ظهور استعمالي في العموم حتى بعد التخصيص ، فالفرق بينهما ان السبب في عموم العام هو ضرب القاعدة او عدم تعنون العام بعنوان من عناوينه الداخلة فيه ، وفي النسخ هو قيام المصلحة الواقعية بنفس اظهار الحكم لبيان انه هو الحكم واقعا.
وعلى كل فالنسخ هو دفع لا رفع ولا مانع ان يكون قبل حضور وقت العمل لانه متقوم بالاظهار وهو حاصل قبل حضور وقت العمل ، ولذا قال قدسسره : «وحيث عرفت ان النسخ بحسب الحقيقة يكون دفعا وان كان بحسب الظاهر رفعا فلا بأس به مطلقا ولو كان قبل حضور وقت العمل».
(١) قد عرفت ان النسخ اذا كان رفعا كان محالا سواء كان قبل العمل او بعد العمل.
وعبارة المتن لا تخلو عن اجمال فانه يحتمل ان يكون عدم لزوم البداء هو تعليل لكون النسخ دفعا لا رفعا ، وقوله «والّا لزم امتناع النسخ» تعليل لعدم امكانه قبل حضور وقت العمل.