وبالجملة : النكرة ـ أي ما بالحمل الشائع يكون نكرة عندهم ـ إما هو فرد معين في الواقع غير معين للمخاطب ، أو حصة كلية ، لا الفرد المردد بين الافراد ، وذلك لبداهة كون لفظ رجل في جئني برجل نكرة ، مع أنه يصدق على كل من جيء به من الافراد ولا يكاد يكون واحد منها هذا أو غيره ، كما هو قضية الفرد المردد ، لو كان هو المراد منها ، ضرورة أن كل واحد هو هو ، لا هو أو غيره ، فلا بد أن تكون النكرة الواقعة في متعلق الامر ، هو الطبيعي المقيد بمثل مفهوم الوحدة ، فيكون كليا قابلا للانطباق ، فتأمل جيدا (١).
______________________________________________________
ويظهر من المتن اختيار القول الثاني ، لانه بعد ان مثل للنكرة بمثالين اشار اليه بقوله : «النكرة مثل رجل في وجاء رجل من اقصى المدينة او جئني برجل» قال «ولا اشكال ان المفهوم منها» أي من النكرة «في الأول» أي في المثال الأول وهو جاء رجل من اقصى المدينة «ولو بنحو تعدد الدال والمدلول هو الفرد المعين في الواقع» وعند المتكلم في المثال المذكور «المجهول عند المخاطب المحتمل الانطباق على واحد من افراد الرجل» لانه حيث كان مجهولا عنده فهو يحتمل الانطباق على أي فرد من افراد طبيعة الرجل «كما انه في الثاني» أي في مثل جئني برجل المدلول للنكرة «هي الطبيعة المأخوذة مع قيد الوحدة فيكون» مدلولها «حصة من الرجل» وحيث ان التقيد بالوحدة لا يجعلها جزئيا شخصيا بل هي باقية على قابلية الصدق على كثيرين ، فلذا قال : «ويكون كليا ينطبق على كثيرين».
(١) اقتصر المصنف على التعرض لما ينسب الى المشهور من ان النكرة تدل على الفرد المردد ، وحاصل ما اشار اليه في رد هذا هو انه لا اشكال في كون النكرة الواقعة في مثل جئني برجل قابلة للانطباق على كل فرد من افراد طبيعة الرجل ، ومن الواضح انه لا وجود للمردد بما هو مردد في الخارج ، وكل فرد في الخارج هو هو لا هو أو غيره ، فاذا كان النكرة الواقعة في الكلام مما تنطبق على الافراد ، والمردد لا يعقل