وأما إذا كانت بحسبها قيدا للموضوع ، مثل سر من البصرة إلى الكوفة ، فحالها حال الوصف في عدم الدلالة ، وإن كان تحديده بها بملاحظة حكمه وتعلق الطلب به ، وقضيته ليس إلا عدم الحكم فيها إلا
______________________________________________________
والمنسوب الى موضوع ما ، الّا ان المدعي للمفهوم يقول : ان الغاية لم تكن قيدا له بما هو متشخص بل هي قيد له بما هو طبيعة الحكم وسنخه ، وهذه هي دعوى المفهوم في القضية الشرطية ، فان الوجوب المنشأ فيها وان كان متشخصا إلّا ان مدعي المفهوم فيها يقول في ان الحرف دال على العلية المنحصرة للوجوب بما هو وجوب وهو السنخ ولازمه ثبوت المفهوم ، فان العلية المنحصرة لشخص الحكم لا تستلزم المفهوم بل لا فائدة في بيان كونها منحصرة أو غير منحصرة له ، لأن انتفاءه بانتفاء موضوعه المتشخص به عقلي لا ريب فيه ، فاذا كان الوضع او الاطلاق مفيدا للعلية المنحصرة فلا بد وان تكون لطبيعي الحكم وسنخه لا لذات الحكم المضاف وشخصه.
وقد أشار المصنف الى دليلين على ثبوت المفهوم للغاية التي هي غاية للحكم :
الأول : التبادر وان المتبادر من الغاية التي هي قيد للحكم هو انتفاء سنخ الحكم عما عدا المغيى ، والى هذا اشار بقوله : «كانت دالة» أي الغاية «على ارتفاعه» أي على ارتفاع الحكم «عند حصولها» أي عند حصول الغاية ، فان الحلية الظاهرية المقيدة بأن غايتها هي المعرفة ترتفع بحصول المعرفة ، وكذلك الطهارة المقيدة بحصول العلم ترتفع بحصول العلم بالقذارة «لانسباق ذلك منها» أي لانسباق ارتفاع الحكم بالحلية وبالطهارة بمجرد المعرفة والعلم فان العرف يتبادر من قوله كل شيء حلال لك حتى تعرف أو كل شيء طاهر لك حتى تعلم ارتفاع الحلية بالمعرفة والطهارة بالعلم.
الثاني : الخلف ، وحاصله : انه اذا كانت الغاية غاية لطبيعي الحلية والطهارة فلا بد من ارتفاع هذا الطبيعي عند حصول الغاية ، ولو كان الطبيعي ثابتا مع حصول الغاية لما كانت الغاية غاية ونهاية لامد تحققه ، والى هذا اشار بقوله : «وكونه قضية تقييده بها ... الى آخر الجملة».