وإما في مقام عدم جواز الاعتماد على المقدمات العقلية ، لانها لا تفيد إلا الظن ، كما هو صريح الشيخ المحدث الامين الاسترآبادي ـ رحمهالله ـ
______________________________________________________
مما للشارع حق رفعه والتصرف فيه ، فلذا انكر هذا على من نسب اليهم ذلك ، والمنسوب اليهم هم : الامين الاسترابادي ، والسيد الجزائري ، وصاحب الحدائق ، والاخيران انما نسب اليهم لانهم نقلوا كلام الامين مستحسنين له ، واما السيد الصدر فلم ينسب اليه ، ولكنه ربما يتوهم منه ذلك لمنعه كون ما يحكم به العقل حكما شرعيا ، بدعوى ان العقل لا يحكم إلّا بما قطع به ، فعدم لزوم مطابقة حكم الشرع له يرجع الى عدم امضائه لحجيته ، ولازم ذلك كونه مما للشارع يد التصرف فيه.
ولا يخفى انه لا وجه لهذا التوهم ، فان كلامه في مقام انكار الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع ، وان العقل قاصر عن ادراك جميع ما للشيء من الجهات الواقعية ، فربما يحكم العقل بحسن شيء لادراكه الجهة الموجبة لحسنه ، وحيث يحتمل ان تكون هذه الجهة التي ادركها العقل هي مقتض ومن الجائز ان هناك شرطا لهذا الاقتضاء مفقودا او هناك مانع يمنع عن تاثير هذا الاقتضاء ـ لذلك لا يمكن ان نقول بالملازمة بين ما يدركه العقل ولزوم كونه حكما شرعيا.
وهذا الكلام من السيد اجنبي عن عدم حجية القطع الطريقي في مقام طريقيّته وانكشاف الواقع به ، بل هو في مقام ان الحكم الشرعي من العالم بجميع ما للفعل من جهاته الواقعية لا طريق للعقل الى الوصول اليه ، وان العقل مهما بلغ فهو قاصر عن ادراك الشيء بجميع جهاته الواقعية ، فبمجرد ادراكه لحسن شيء او قبحه لا يجوز ان نقول انه هو حكم شرعي ايضا ، لان معرفة الشارع فوق ادراك العقل ومداركه ، ولا ربط لهذا الكلام في كون القطع مما تناله يد الجعل التشريعي ، والى هذا اشار بقوله : «كما ينادي بأعلى صوته ما حكى عن السيد الصدر» وانه «في باب انكار الملازمة» بين ما يحكم به العقل وما يحكم به الشرع.