.................................................................................................
______________________________________________________
استدلوا على امكان التعبد بالامارات : بانّا نقطع بانه لا يلزم من التعبد بها محال ، قال الشيخ (قدسسره) : وفي هذا التقرير نظر ، اذ القطع بعدم لزوم المحال في الواقع موقوف على احاطة العقول بجميع الجهات المحسنة والمقبحة ، وعلى العلم بانتفائها جميعا : أي بانتفاء الجهات المقبحة حتى لا يلزم المحال وانتفاء المحسنة حتى لا يكون التعبد لازما ، وهو غير حاصل لوضوح عدم الاحاطة بجميع الجهات وعدم العلم بانتفائها ، ثم قال (قدسسره) : فالأولى ان يقرر هكذا : انا لا نجد في عقولنا بعد التأمل ما يوجب الاستحالة ، وهذا طريق يسلكه العقلاء في الحكم بالامكان ... انتهى.
ويؤيد هذا الاصل عندهم هو الكلمة المعروفة عن الشيخ الرئيس : وهي كلما قرع سمعك من الغرائب فذره في بقعة الامكان ما لم يذدك عنه قاطع البرهان ، والمتحصل منها هو ان يودع المشكوك فيه في بقعة الامكان : أي يبنى على امكانه إلّا ان يمنع عن ذلك البرهان القائم على عدم امكانه ، فان الظاهر من الامر بايداعه في هذه البقعة هو البناء على امكانه ، فان الامر الغريب اذا قرع السمع يحصل الشك فيه من جهة غرابته ولو لم يكن خبرا ، ومعنى حصول الشك فيه هو الشك في امكانه وعدم امكانه فامر بايداعه في بقعة الامكان ، والمراد من الامر بايداعه في هذه البقعة هو البناء على امكانه ما لم يذد : أي ما لم يمنع عن ايداعه فيها البرهان القائم على عدم امكانه. والمصنف (قدسسره) حيث يرى عدم صحة دعوى هذا الاصل عند العقلاء ، وانه ليس لهم بناء على امكان ما شك في امكانه حتى يثبت امتناعه لذلك نفاه وقال : «وليس الامكان بهذا المعنى» أي الامكان الوقوعي الذي هو عبارة عن عدم استلزام الوقوع للمحال في قبال دعوى استحالة الوقوع لاستلزامه المحال ، فاذا شك في امكان الوقوع او شك في الامكان الذاتي المقابل للوجوب والامتناع الذاتيين فليس هناك اصل عقلائي يقتضي البناء على امكان ما شك في امكانه وقوعا او ذاتا ، وقد اشار الى الامكان الذاتي بقوله : «بل مطلقا» والى نفي الاصل بقوله : «اصلا متبعا عند العقلاء الى آخر الجملة».