لا يقال : لا مجال لهذا الاشكال ، لو قيل بأنها كانت قبل أداء الامارة إليها إنشائية ، لانها بذلك تصير فعلية ، تبلغ تلك المرتبة (١).
فإنه يقال : لا يكاد يحرز بسبب قيام الامارة المعتبرة على حكم إنشائي لا حقيقة ولا تعبدا ، إلا حكم إنشائي تعبدا ، لا حكم إنشائي أدت إليه الامارة ، أما حقيقة فواضح ، وأما تعبدا فلان قصارى ما هو قضية حجية الامارة كون مؤداها هو الواقع تعبدا ، لا الواقع الذي أدت إليه الامارة (٢) ،
______________________________________________________
(١) حاصل لا يقال : ان الحكم الانشائي لو كان محض الحكم المرتب على موضوعه لورد عليه ما ذكر : من ان العلم به فضلا عن قيام الامارة عليه لا يجعله فعليّا فلا يجب امتثاله ، ولكنه ليس كذلك بل هو مقيد بأداء الامارة ، بمعنى ان الحكم الانشائي ـ مثلا ـ هكذا : تجب الجمعة المؤدية لها الامارة ، فهو حكم انشائي مقيد بأداء الامارة ، ومثل هذا الحكم الانشائي المقيد لا بد من بلوغه الى درجة الفعلية الحتمية بأداء الامارة اليه ، وليس مثل هذا الحكم الانشائي مما يحتاج الى ما يبلغه الى درجة الفعلية غير اداء الامارة اليه ، والى هذا أشار بقوله : «لو قيل بانها» أي الاحكام الواقعية الانشائية «كانت قبل أداء الامارة اليها انشائية» لا يجب امتثالها ، واما بعد أداء الامارة اليها لا بد وان تصير فعلية لانها ليست محض انشاء الحكم المرتب على موضوعه ، بل هي انشائية مقيدة باداء الامارة فهي «لانها» مقيدة «بذلك تصير فعلية وتبلغ المرتبة» باداء الامارة اليها.
(٢) وحاصله : ان الامارة القائمة على الحكم لا يعقل ان تكون مبلغة لهذا الحكم الانشائي المقيد بأداء الامارة.
وتوضيحه : ان الموضوع المقيد اما ان يحرز كلا جزأيه بالعلم ، او يحرز كلا جزأيه بالتنزيل ، او بكون احد جزأيه محرزا بالعلم والآخر بالتنزيل.
والاول كإحراز المائية والكريّة بالعلم ، والثاني كاحراز المائية والكرية كليهما بالاستصحاب ، والثالث كاحراز احدهما بالعلم والآخر بالاستصحاب.