وأما صحة الالتزام بما أدى إليه من الاحكام ، وصحة نسبته إليه تعالى (١) ، فليسا من آثارها ، ضرورة أن حجية الظن عقلا ـ على تقرير
______________________________________________________
(١) توضيحه : ان مسلك المصنف في تأسيس الاصل ما مرّ : من ان الحجية لها آثار اربعة ، وهي مرتبة على الحجية المحرزة بنحو من انحاء الاحراز لا على نفس الحجيّة ، ففي مقام الشك في الحجيّة يقطع بعدم ترتب الآثار ، ومع القطع بعدم ترتبها في حالة الشك لا وجه لاستصحاب عدم الحجيّة ، اذ لا بد من اثر ليكون الاستصحاب جاريا بلحاظه ، وحيث كان في حال الشك في الحجيّة يكون عدم الاثر مقطوعا به ، فلا يكون أثر لاستصحاب عدم الحجية حتى يكون جاريا بلحاظه.
وللشيخ الاعظم طريق غير هذا في نفي الآثار عند الشك.
وحاصله : ان معنى حجية التعبد بالظن والطرق غير العلمية ووجوب العمل بها ليس هو إلّا وجوب الالتزام بمؤداها والاستناد اليه قلبا ، وصحة اسناد مؤداها الى الشارع بما انه حكمه وتشريعه فللحجيّة اثران : الاستناد الى المؤدى قلبا ، واسناده الى الشارع قولا ، وهذان الأثران يترتبان على الظن الذي قام الدليل على حجيته ، اذ ليس معنى حجيته الّا هذين الامرين.
واما الظن الذي لم يقم الدليل على حجيّته فيحرم الالتزام بمؤداه والاستناد اليه ، ويحرم اسناده اليه بالادلة الاربعة كتابا وسنة واجماعا وعقلا.
اما الكتاب فقوله تعالى : (آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ)(١) والاستدلال بها هو ان المراد من الاذن هو بيانه الواصل ، ومع عدم الوصول تكون النسبة اليه تبارك وتعالى افتراء ، والاستفهام الانكاري دال على حرمة الافتراء وهو نسبة ما لم يصل اليه تعالى ، فهذه الآية قد دلت على حرمة الاسناد لما لم يصل ، وانه من الافتراء وهو محرم ، وبحكم الملازمة بين حرمة الاسناد اليه وحرمة الاستناد والالتزام
__________________
(١) يونس الآية : ٥٩.