.................................................................................................
______________________________________________________
لو لم يرد افهام المعنى باللفظ كان ناقضا لغرضه ، ولو كان غير مريد جدا كان ناقضا لغرضه ايضا ، فمورد نقض الغرض عند العقل غير المقامات الثلاثة التي قام بناء العقلاء على ارادتها للمتكلم.
ويدل على انه لا يختص حجية الظهور بمن القي اليه الكلام انه كثيرا ما يكون المقصود بالافهام غير من القي اليه الكلام وهو إياك اعني واسمعي يا جارة.
إلّا ان يقال ان مراد من خصص حجية الظهور بالمقصود بالافهام ليس هو خصوص من القي اليه الكلام ، بل من اريد افهامه سواء كان هو أو غيره ، ففي مثل : اياك اعني واسمعي يا جارة لا بد من نصب قرينة يعرفها غير من القي اليه ، وهو من يسمع الكلام لا من يخاطب به ويلقى اليه.
وبعبارة اخرى : ان مبنى المتكلمين اذا كان غرضهم على افهام خصوص الملقى اليه الكلام دون غيره ان يتكلموا بكلام ليس له ظهور بين في المعنى بحيث يفهمه كل من سمعه ، ولذا يؤخذون باعترافاتهم الدالة على معانيها ، وان القوا كلامهم الى شخص خاص بحيث منعوا ان يسمع كلامهم غيره ولكنه سمعه غيره من باب الصدفة ، وليس لهم ان يعتذروا بان السامع غير مقصود بالافهام ، وهذا يدل على ان الارادة التفهيمية مرجعها افهام المعنى باللفظ من دون تقييد لها بالملقى اليه الكلام ، والى هذا اشار بقوله : «الظاهر هو عدم اختصاص ذلك بمن قصد افهامه الى آخر كلامه».
وثانيا : ان الكلام في حجية الظواهر في علم الاصول الذي كان الغرض منه هو الاستنباط للاحكام انما هو في الكلام الصادر من الشارع المتضمن لاحكام لا تخص الملقى اليه الكلام بل تعمه وغيره ، فليس للشارع ان يخص الملقى اليه الكلام بقرينة لا يفهمها الا هو ، مع كون الغرض شمول الحكم المتضمن له الكلام له ولغيره ، واذا كان في الكلام مثل تلك القرينة لغرض يدعو اليها كالتقية مثلا ، فعلى المبلغ لكلامه ان يذكرها لغيره لفرض دخوله معه في ذاك الحكم ، وإلّا كان خيانة منه ، وفرض غفلته عن ذلك خروج عن محل الكلام ، بل هو في باب احتمال القرينة.